أعترف بدءًا أن مقالة صغيرة ستقف عاجزة عن وصف نجاح هذا الحدث العالمي الكبير، وكيف استطعت وطني الغالي حشد هذه الطاقات الهائلة، بدءا بالطاقات البشرية التي وصلت إلى أكثر من مئتين وخمسين ألفا، إلى التنظيم الراقي الذي شهد له القاصي والداني ...المنصفون وحدهم من ينبهر بحج هذا العام، وهم وحدهم الذين سيشيدون بالإنجازات، وهم وحدهم الذين سينهون حديثهم بكلمة ( الشكر في حقك يا بلاد الحرمين قليل )، أما ما سواهم ممن كانوا يتحينون لحظات الأخطاء الفردية، فسيلطمون وجوههم حسرة وكمدًا .. شواهد حية من موسم هذا الحج تجعلنا نقف شكرا لله تعالى ثم فخرا بالانتساب لهذا الوطن .. ملايين الحجاج ثم تكون نسبة الخطأ بين هؤلاء صفرًا، هذا لعمري في القياس بديع ..انسيابية الحركة رغم هذه الحشود الهائلة ما يجعل العقل يحار فيما يحدث .. ملايين البشر ثم تأتيها الأطعمة والأشربة رغدًا من كل مكان شيء يدعو للفخر بأبناء هذه البلاد الذين يهبّون للقيام بواجب الضيافة لضيوف الرحمن .. شباب في ريعان شبابهم يتسابقون على خدمة ضيوف الله ثم يفتخرون بما يصنعونه في مواقع التواصل، أمر يجعلنا نطمئن إلى أن أهل هذه البلاد في خير عميم طالما كان شبابها بهذا الإقبال على الخير ..تسابق رجال الأمن والجيش على خدمة الحجيج حتى وصل ببعضهم إلى حمل بعض المسنين على ظهورهم والسير بهم لمسافات بعيدة أمر يهز الوجدان ويحرك حتى القلوب الجامدة، ورسالة شامخة لكل الذين يدعون لتدويل الحج أنه لا مثيل لهذه البلاد وأهلها ..اعتزاز المسؤولين على اختلاف مواقعهم بخدمة الحجيج، وأنه كلما تحقق نجاح خططوا لموسم قادم أكثر نجاحا ..كل هذه الأمور مشاهد مهيبة ستُميت أعداء هذه البلاد الذين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر أبسط الأخطاء في الحج ليجدوا مادة دسمة يتغذون عليها فخابت أمانيهم (( قل موتوا بغيظكم )).
______
* جامعة أم القرى