قد تتحول العلاقة الزوجية من مودة وألفة إلى علاقة عدوانية، فتصبح هُناك خسائر كثيرة بين الطرفين، ولكن الخسارة الأكبر تكون إذا أصبح الأطفال ضحية لهذا الصِراع، ذلك أنه عند حصول الفراق يُسارع بعض الأزواج والزوجات إلى استخدام الأولاد للانتقام من الطرف الآخر، مما يجعل هذا الفعل سببًا في تدمير حياة الأطفال، والله سبحانهُ وتعالى يقول: "لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِه"، فالمضارة ممنوعة ومحرمة وهي من الظلم الذي حذر الله سبحانه وتعالى منه.
وفيما يرويه الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل أنه قال: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا)، فليس من الإنسانية ولا من المروءة أن يمنع أحد الأبوين الآخر من زيارة أولاده، لذلك ينبغي على الرجل إذا طلق زوجته أن يطلقها بإحسان ويُحسن التسريح لقوله تعالى: "الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ"، كذلك المرأة ينبغي لها ألا تضُر بزوجها بتحريض الأولاد على والدهم لأن ذلك نوع من العدوان الذي نهى الإسلام عنه.
ولا ينبغي إغفال جانب العقاب الذي يحل بالشخص الذي يحرم أُمًا من رؤية أولادها، فإنه يأثم بهذا الفعل لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من فرق بين الوالدة وولدها فرق بينه وبين أحبته يوم القيامة)، لأنه ليس بالأمر اليسير وهو بهذا الفعل يجلب لنفسه غضب الله وسخطه في الدنيا والآخرة لكونه يتسبب في قطيعة الرحم وهي من كبائر الذنوب، كما أنه تقصير بعظم حق الأم على أولادها ورحمتها وشفقتها عليهم.
والأصل في تحديد الزيارة أنه يكون باتفاق الطرفين بدايةً، وإذا تعذر الاتفاق بينهم يُحال أمر التحديد إلى قسم الخبراء، ثم تقدم مقترحًا إلى ناظر القضية ينظر فيه بحسب مجريات القضية، ثم بعد صدور حكم الزيارة فإن المختص بتنفيذه قاضي التنفيذ وفق نظام التنفيذ، الذي نظم تنفيذ أحكام الزيارة بنصوص حازمة ومن ذلك أن أحد الأبوين إذا امتنع عن تنفيذ حكم الزيارة أو قام بالمماطلة والتأخير تقع عليه عقوبات منها السجن 3 أشهر وتتكرر العقوبة كلما تكرر الامتناع عن التنفيذ، ويحق لطالب التنفيذ الذهاب لمحكمة التنفيذ وتقديم صك الزيارة ليتم إجبار الممتنع على التنفيذ، ومن هُنا يتضح لنا أن العديد من الجهات الحكومية والرسمية تسعى إلى الحد من الآثار السلبية التي قد تؤثر على حياة الأطفال بسن هذه القوانين والأنظمة لحفظ حقوق الجميع.