مما يعانيه قادة المدارس في كل عام معضلة الجدول المدرسي، مع أن اللائحة تنص على أن يؤخذ رأي المعلمين ورغباتهم حسب المرحلة والمواد فقط ، ولا علاقة لهم بتوزيع الحصص على اليوم الدراسي ، إلا أن تعاون معهم قائد المدرسة في ذلك بحيث يخرجون بجدول يرضي الجميع، ومع ذلك من رابع المستحيلات أن يُرضي الجدول جميع المعلمين ، " فكلن يدير النار صوب قرصه " فتظهر حقيقه بعضهم وأنانيته و حب الذات في أبشع صورها عند التشاور أو توزيع الجدول ، فيريد أقل نصاب و أفضل جدول، و من واقع تجربة هذه النوع لو يُفصل له جدول على مقاسة " لمط بوزه " و لوى وجهه امتعاضا وكأنه هو المتفضل بأخذه، بل إن بعضهم يأخذ نسخة من الجدول العام ويقارن بينه وبين زملائه ، ومع هذا لابد أن يراعى عند إعداد الجدول العدل مع أنه كالحب لا يمكن العدل فيه، ومراعاة المكلفين بمهام إدارية، ولكن قد يفرض قائد المدرسة الجدول الذي يراه مناسبا عند عدم اتفاق المعلمين على المراحل و المواد أو عدم خروجهم بجدول يرضي الجميع، وإلا ستبقى المشكلة ولن يكون هناك جدول ثابت طوال العام ، بل إن من ذكاء القائد تجهيز عدة جداول تحسبا للظروف كانتداب معلم أو إجازة أو غيرها، أيضا لابد من تكليف المعلم رسميا بالجدول وفي حالة اعتراضه يرفق الاعتراض مع الجدول بخطاب ومع ذلك يرجع لقائد المدرسة إما حله ودياً أو رفعه حسب النظام، مع ذلك قد يأتي معلم بعد بدء الدراسة إما متأخر في المباشرة أو مندوب أو غيرها ويرفض الجدول جملة وتفصيلا فهنا إما أن يقف قائد المدرسة بحزم أو سينفتح بابا لن يغلق.
أثناء مراجعتي للإدارة العامة للتعليم في المنطقة الشرقية قابلت أحد الزملاء القدامى و بعد السلام و السؤال عن الحال و الأحوال و أخباره مع التعليم تنهد المسكين تنهيدة كادت أن تفجر قفصه الصدري ثم بدأ يحكي معاناته مع مديره وكيف أنه نُدب لمدرسة ابتدائية وهو تخصص لغة عربية وكُلف معلم فصل للصف الأول ورفض ثم كلف بجدول أخر لمواد لغتي و تربية إسلامية على المراحل من ثالث إلى سادس ورفض ثم سألني سؤال تقريري عن نظامية رفضه قائلا : صح ماله حق أنه يفرض علي الجدول؟! وفيه بعض المعلمين نصاب مخفض؟! عندها قاطعته وسألته عن نصابة مقارنة ببقية المعلمين و عن المعلمين المخفضة أنصبتهم فقال أن الجميع تقريبا متساوين ما عدا الوكيل المكلف فلديه 6 حصص و المرشد 12 حصة !! وعندما أخبرته أنه لا يحق له الرفض كونه معلم ابتدائي ومعلم الابتدائي يدرس أي تخصص، أيضا يحق للمدير تخفيض نصاب المكلفين بمهام إدارية، هز رأسه و بتعابير من لا حيلة له قال : هنا المشكلة أنا توني طالع من مدير الأشراف و قالي نفس الكلام !! ابتسمت له متسائلا عن وضعه بعد هذه الردود الصادمة مني ومن مدير الإشراف، فما زدا على : الشكوى لله، الله يعين ، بعدها تغير مسار الحديث ثم افترقنا.
من المهم أن يعرف المعلم ماله وما عليه قبل أن يقع في دوامة من المشاكل التي تستنزف جهده و وقته ويكون هو فيها الحلقة الأضعف.