يُحكى أن أحد كبار السن في قريتنا تنبأ ذات يوم بأنه سيأتي في أخر الزمان ثعبان أسود طويل يلتهم سكان قريتنا والقرى المجاورة ، وقد تداول الناس بكل دهشة تلك النبوءة الغريبة فترة طويلة من الزمن حتى غيبها النسيان مع تقادم الزمان.
ولكن ومع ظهور طريق العرضيات في نهاية السبعينات الميلادية عادت تلك النبوءة إلى الأذهان مرة أخرى وبدأ الناس في فك شيفرة تلك النبوءة القديمة وانزالها على طريق العرضيات فأسموه "طريق الموت" .
لقد تحققت تلك النبوءة الغامضة وهاهو الثعبان الأسود يلتهم سكان قرى العرضيات واحداً تلو الآخر وينفث سمه الزعاف في أجساد العابرين فلايرحم صغيراً ولايوقر كبيراً ، لقد عانت العرضيات كثيراً من هذا الطريق المشئوم فلا تكاد تُنزل أحد أبناءها عنه نعشه إلا ويركب الآخر مودعاً بعد أن سحقه هذا الطريق مهشماً عظامه وكل آماله، ولاتكاد تنتهي مراسم العزاء في إحدى القرى إلا وتلتحف القرية الأخرى ثياب السواد حزناً على فقيدها الذي التهمه طريق العرضيات فجأة.
إنه لمن المحزن حقاً أن كل هذه الدماء الزكية والمتناثرة على ثرى طريق العرضيات والتي كادت أن تغير سواد الطريق إلى الأحمر الفاقع لم تستطع أن تغير من قناعات ووجهات نظر المسئولين عن هذا الطريق.
لقد مضت أربعة عقود وهذا الطريق يحصد الأرواح ويزيد عدد الايتام والثكالى فلا يكاد يمر العيد إلا واحدى أسر العرضيات تبكي فقيداً لها وتنتحب حزناً على فقد عائلها أو أحد فلذات أكبادها.
كم هو مؤلم حقاً أن كل هذه الدماء لم تحرك ساكناً في قلب كل مهتم وكل مسئول عن طريق العرضيات !
وهنا يحق لنا أن نتساءل أليست هذه الدماء كافية؟
كفى صمتاً أيها المسئول .. وكفى ألماً ياطريق العرضيات.