ساعة الاحتفال تستحثُّ عقاربها على التسارع؛ لتعلن الموعد، وبوصلة الخامس والعشرين من سبتمبر توجِّه مؤشرها -بعد اثنتين وتسعين دورة- نحو القلب النابض في خارطة العالم، نحو المملكة العربية السعودية، إنه يوم الوطن؛ اليوم الذي يفيض بذكرياتٍ ينشر التاريخ وثيقتها كل عام؛ مجدِّدًا مع كل سعوديٍّ العهد بالانتماء، وآخذًا مواثيق التضحية والحب والولاء، وهل يتخلى الأحفاد والأبناء عن إرث الأجداد والآباء؟!
إرثٌ وأي إرث؟! ذاك الذي أخرج قائدًا فريدًا بخيله ورَجْله في هجير الصحراء، تاركًا فرحة الأعياد وراءه، وعازمًا على أن يطرِّز عيده باسترداد حقه وملكه.
كان الهمُّ عظيمًا، والكَرْب شديدًا؛فقلة العدة والعتاد أمام إمكانات الخصم حالت دون تحقيق المراد قبل أشهر، غير أن العزيمة والإصرار أبت على نفسها الخنوع والخضوع والبقاء؛ فسارت ولسان الحال يردد: (لا نامت أعين الجبناء).
أقسمت الصحراءُ أن تداري تلك الثلة القليلة، وأخذت الرياحُ على نفسها العهد أن تطمس لهم كل أثر، وآلى الليل على نفسه أن يخبئهم تحت جلبابه الأسود، فاحتفل الصبح مع عبد العزيز ورجاله بالنصر والتمكين؛ لأن الأرض لا تقف إلا مع من تعترف به، ولا تعترف أي أرضٍ إلا بأصحابها.
لم تكن هذه النهاية، بل كانت البداية؛ بدايةً للتغيير، والتحسين، والتطوير، والسمو بهذا الوطن نحو القمة التي يستحق أن يتربع على عرشها، حمل لواء ذلك كله المؤسس الراحل -غفر الله له- وتناقلته من بعده أكف أبنائه، يحيط بهم -إحاطة السوار بالمعصم- شعبٌ مخلصٌ وفيٌّ، أقسم على حبهم، وطاعتهم، والولاء لهم، وأولاهم الثقة في عدلهم، وحنكتهم، وحسن إدارتهم، ولم يخب ظن ذلك الشعب؛ فقد توالت عصور النهضة، كل عصرٍ بالإنجازات يزخر، وبالتقدم نحو الأمام يفخر.
وهاهو اليوم عهد خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده محمد يدفع الوطن بكل قوة نحو قمة النماء، والرخاء، والازدهار، ويهيئ له عرش السيادة والريادة بكل عزيمةٍ وإصرار.
فيا بلادي: دمتِ في ظل آل السعود لنا دار.