أعلنت الحكومة اللبنانية إفلاسها وكذلك إفلاس البنك المركزي اللبناني، وما هذا الإعلان الأخير إلا محطة جديدة في مسيرة الإفلاسات اللبنانية الطويلة، ولكنها تختلف اليوم بأنه تم الإعلان عنها والاعتراف بها على خلاف محطات الإفلاس السابقة، فمازال الساسة وزعماء الطوائف من اللبنانيين لا يتحدثون علانية عن مالحق بدولتهم الصغيرة المختطفة وتجريدها من كل ما كانت تحظى به كدولة فتية وعصرية كانت يومًا ما يطلق عليها باريس الشرق.
فقد سبق وأفلست لبنان من سيادتها كدولة كاملة العضوية بالأمم المتحدة وفيها أحزاب ومجلس نواب وحكومة ورئاسة، وسمح زعماءها بأن يتم احتكار قرارها السيادي في يد حزب اللات الإرهابي ويسيطر على جميع مفاصل الدولة من الحدود إلى الجيش إلى المطار إلى الميناء.
فالحزب هو من يتحكم بالدخول والخروج من لبنان وهو من حول الدولة إلى أكبر محطة تصدير وإعادة تصدير للمخدرات إلى العالم أجمع وخصوصًا منطقة الخليج العربي، وأدخل لبنان إلى نادي دول رأسمالية المخدرات أو اقتصاد المخدرات !!
حتى في الحضور اللبناني الدولي في الهيئات الدولية والعربية الإقليمية فالقرار دوماً لا يخرج عن توجيهات وأوامر (السيد حسن) وإن صدر على لسان مندوب أو وزير الخارجية اللبنانية !
وللأسف قاد لبنان إفلاسها السيادي إلى إفلاسها من عروبتها والتحاقها بمشروع ولاية الفقيه الفارسي المقيت، وأصبحت لبنان الدولة العضو في الجامعة العربية المحامي الأبرز والمدافع عن جرائم إيران في المنطقة من خلال الدعم السياسي تحت معادلة (سياسة الحياد)، هذا الحياد الذي تقبلته الدول العربية تقديرًا لظروف لبنان وتركيبتها الطائفية، ولكن للأسف لم يجد العرب أي حياد بل وجدوا أن لبنان أصبح بيرق آخر في يد إيران! وبكل انحياز! وأصبح لبنان منصة لمهاجمة العرب دوبلوماسياًوإعلامياً وحتى ميليشياوياً !!
وجدير بالذكر أن نتذكر بيروت عندما كانت في يوم من الأيام العاصمة العربية الأجمل والأكثر تطورًا، وكانت منارة من منارات الشرق بوجود قامات عالية من رموز الأدب العربي وبوجود أكبر دور نشر وأكثرها نشاطًا في مجال النشر والطباعة والترجمات، وأين هي اليوم ؟.
يكفي أن تلقي نظرة على نواصي شوارعها وترى أكوام القمامة والبنية التحتية المتهالكة وتلحظ مظاهر البلطجة المسلحة للعصابات والزعران لتستنتج أن هذه الدولة مفلسة حضاريًا من أي مظهر من مظاهر الرقي والتقدم الثقافي والعمراني.
وأخيراً ليس هناك أقبح من الإفلاس الأخلاقي ،، وللأسف وصلت لبنان لهذا المستوى من الإفلاس بعد أن شاهد العالم أجمع وعلى وسائل إعلام لبنانية وعلى مواقعهم في وسائل التواصل الاجتماعي ماقاموا به من تنكيل وترهيب للاجئين السوريين والعمل على طردهم وإعادتهم لبشار الأسد، وسخرية بعض اللبنانيين واستهزائهم بما تعرض له الشعب السوري من خلال محاصرة القرى السورية وتجويعهم في (مضايا والزبداني) وأنكروا وجحدوا وقفة الشعب السوري معهم في حرب ٢٠٠٦ كما أنكروا وجحدوا مواقف الدول الخليجية معهم وخصوصًا السعودية قبل اتفاق الطائف وبعده، من المواقف السياسية والاقتصادية ومشاريع الإعمار الضخمة إلى احتضان المقيمين اللبنانيين بأعداد كبيرة وبفرص وظيفية بدون أي تمييز عن المواطن السعودي أو الخليجي !
وخلاصة القول،، قد يكون فات البعض من اللبنانيين أن التاريخ لا يرحم، ولكن ما هو مؤكد أنه لا يفوت اللبنانيين جميعاً اليوم أن السبب الأول في إفلاس لبنان هو الطائفية وزعماءها،، هذة الطائفية التي هربت بوطنهم من الحضن العربي الى الحضن الفرنسي والذي قام هو بدوره برمي هذا الوطن إلى الحضن الفارسي كرهينة لتفاهمات ومصالح مشبوهة.