تحت خيمة صيف، في هجير النهار، وبين كثبان صحراء قاحلة، تصافحت كفُّ العقيدة وكفُّ الجهاد، وانطلق الدعاة على الأقدام، وفوق ظهور الخيل، وعلى أسنمة الجمال؛ يحملون دعوات التوحيد والوحدة؛ فكان العرس الذي تمخض عنه ميلاد الدولة السعودية، دولةٌ وُلِدَت من رحم الكثبان الممتدة، شامخة الهامة معتدَّة، لم يحنِ هامتها عبر مسيرتها محتل، ولم يقصم ظهر عنفوانها مختل. دولةٌ قامت على أسسٍ متينة؛ فسادت أرجاءها السكينة، غالبت شبح الجهل فغلبته، وصارعت مارد الخوف فصرعته، وخاضت غمار محيط الفقر والجوع فاجتازته.
كانت الأرض التي ابتلعت رمال صحرائها أقدام العداة، وجندلت صخور جبالها أجساد البغاة. وكانت الكفَّ التي انحدر كرمها عبر الوديان؛ لتفيض منه بحار الشرق والغرب، والحضن الذي أوى إليه القاصدون من كل صوبٍ وحدب. واليوم وبعد أكثر من ثلاثة قرون، وعلى أنغام ذلك العرس تزغرد راية التوحيد في بطن كل وادٍ، وعلى هامة كل جبل، وفوق ظهر كل كثيب؛ تحدِّثُ عن إرادةٍ لم تعرف معنى المستحيل، أشعلت في الجو نارًا وقودها من أعماق الأرض، ودكت جبالًا تستشرف من خلالها أفق الحضارة، وشيدت في كل شبر معالم وشواهد على أن الإرادة تصنع المستحيل، وأن المستحيل لا يعيق الإرادة.
دمت يا وطني، ودامت أفراحك متجددة عبر الأجيال، وعلى صفحات التاريخ.