كل إنسان في هذه الدنيا يسعى ليكون أسعد حالاً، وأكثر أولادًا ، ولديه كنوزًا وأموالاً، بيته من الزجاج والمرجان، وحوله الجداول والأنهار، والحدائق والجنان .
رغبة الإنسان ليعيش في أحسن حال ظاهرة صحية، وأمر طبيعي؛ لكن المبالغة في ذلك هي الكارثة.
فمسلك لعب تبادل الأدوار، وياليت ولو كان .. يجعل الإنسان يعيش في دوامة لا تنتهي ؛ فهو يتحرك في حلقة مفرغة ، ويستخدم سلم من هواء لا هو على الأرض ولن يبلغ عنان السماء ؛ أضغاث أحلام، حديث نفس، ووساوس شيطان؛ لن ينال منها مثقال ذرة؛ بل هي وهم تمخضت منه أوهام ؛ لايمكن تحقيقها في مئات الأعوام .
ربة البيت تريد أن تكون موظفة، والموظفة تريد أن تكون ربة بيت، وكل صاحب مهنة يرى أنه هو المُتعب الكادح، وغيره من أصحاب المهن الأخرى في نعيم مقيم؛ تحفهم السعادة من كل حدب وصوب، وأنهم في منأى عن الهموم والأحزان؛ فكل ذي صنعة محسود.
أيها الإنسان ارض بما قسم الله تكن أسعد الناس، وابتعد عن ما في أيدي الناس تكن أغنى الناس.
ما أحوجنا إلى القناعة، و إلى الرضا بما قسم الله، في زمن تكالب فيه كثير من الناس على الدنيا، وانغمسوا في شهواتها، في زمن كثر فيه التسخط والتذمر والتشكي والحسد .
وللخروج من هذه الدوامة ونيل سبيل السعادة الامتثال لأمر الله في قوله تعالى : "فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين "