توهَّموا أنهم محصَّنون تحت أسقف كيْدٍ مسلَّحة، تمكِّنهم من التخطيط في خفاء، والتنفيذ في صمت، لكنَّ رياح اليقظة كانت لأسقفهم بالمرصاد، فكشفت حقيقتها المؤسفة، وأظهرت واقعها البائس؛ إذ لم تكن سوى أسقفٍ من قش، عصفت بها تلك الرياح، وبعثرتها في كل اتجاه، فاضحةً كل أمر، وكاشفةً كل ستر، عن مؤامرات الغدر، ومخططات المكر.
عاث مترفوهم وكبراؤهم في بلادهم فسادا، وقدموا شبابها قرابين لملء جيوبهم، فأشغلوهم بالملذات والفجور، وأودعوا كثيرًا منهم - بما قدموه لهم من المخدرات - السجون والمشافي والقبور، غير عابهين بأمر تلك البلاد، تاركينها فريسةً سهلةً بين براثن الأعداء، ووليمة مستساغةً يجتمع حول مائدتها الدخلاء، حتى سقطت في حضيض النكبات، وتتالت عليها المصائب والويلات.
ولما انجلى غبار الدمار، وقضوا من دفن الصغار والكبار، أصابهم السعار فسيطر عليهم طمعهم، وتجاوز الحدَّ جشعُهُم، وتطلعوا إلى إسقاط من حَوْلَهُم، لا يساورهم شكٌّ في قوتهم وحَوْلِهِم، فوجهوا حراب حقدهم، وسهام بغضهم، إلى الصدر الذي احتواهم، والحضن الذي طالما آواهم، ورغبوا طعنه في الفؤاد، وتسميم فلذات الأكباد، غير أن يد الحزم، وسيف العزم، كانت أسبق لقطع أيديهم قبل أن تطلق سهامها من النبال، أو تقذف رماحها فتظفر بشيءٍ من المنال.
إن حكومة هذه البلاد - أيدها الله - وهي تقرر منع دخول إرساليات الخضروات والفواكه القادمة من الأراضي اللبنانية إلى المملكة، أو العبور من خلال أراضيها؛ لتؤكد حرصها على سلامة أبنائها، وحفاظها على عقول شبابها؛ فتلك العقول هي التي سترسم وتخطط، وأولئك الشباب هم من سيبني ويشيِّد، وأمام كل الهجمات الشرسة ستظل المملكة حصنًا منيعًا دون النوال من أبنائها، وسيبقى أبناؤها حماةً دون المساس بشبرٍ من أرضهم، وليخسأ الخاسؤون.