التقنيات الحديثة سلاح ذو حدين، نعمة لمن عرف التعامل معها، ونقمة لمن أساء استعمالها وعاش جانبها المظلم، ولم يرد رؤية الجانب الآخر المضيء.
التقنيات الحديثة العصرية قربت البعيد، وسهلت المستحيل، ووفرت كثيراً من الوقت والجهد والمال، بل ساهمت في التنمية و مضاعفة أرباح الأفراد، وفتحت الأبواب لأصحاب المؤسسات لزيادة رأس المال.
الآن ولله الحمد بضغطة زر تحصل على الخدمة التي تحتاجها و بسرعة فائقة، وأنت في بيتك، أو في مقر عملك أو في مصنعك، أو في مزرعتك أو حتى في سفر أو في نزهة مع أسرتك أو أعز زملائك وأصحابك .
الحديث عن الجوانب المضيئة للتقنية العصرية يطول ويطول فهو بحر لا ساحل له، وفضاء واسع لا نبلغ منتهاه.
رغم كل هذا الزخم من الإيجابيات التقنية إلا أن هناك كثيراً من ضعاف النفوس لا يرون ذلك النعيم و لايدركون آثاره الطيبة، أولئك يعيشون في كهوف مظلمة، يتشربون سموم الأفاعي والعقارب القاتلة، جبناء يعشقون التخفي؛ ليمارسوا هواياتهم الشيطانية، قلوبهم قاسية، آذانهم صم، فاقدي البصر والبصيرة، يسطرون جرائمهم في كتاباتهم عبر المنصات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي المشهورة، يغتابون هذا، ويفترون على هذا، ويفشون سر هذا، ويتقولون على هذا، ويمشون بالنميمة، ويتفكهون على أعراض المسلمين، ويستمتعون بأكل لحومهم في غيبتهم، لا يمنعهم الخوف من الله، وليس في وجوههم نزعة حياء.
هؤلاء يكتبون ويقولون ويتقولون على الغير بأسماء مستعارة، وهم قد يكونون من أقرب الأقربين من نفس المدينة، أو حتى من أبناء الحارة.
المساكين فخورون بعملهم هذا، فهم يرون أنهم واكبوا العصر، فلم يسلكوا الطرق التقليدية في الغيبة والنميمة؛ لأنها أكثر مشقة وأضنى خطورة؛ كونها تمارس دون تخفي كالذي وجدوه في التقنية العصرية الحديثة، من التستر والاختفاء وراء الكواليس، لا أراك ولا تراني ونعمل ما نريد من غير تعب ونحن قابعون في المكانِ، يا للسهولة ! بضغطة زر نهدم أكبر القيم ونمحوا أسمى المعاني.
قبحهم الله يعملون ما لا يرضى من القول والفعل، لا خير فيهم، فهم عالة على مجتمعهم ووطنهم وأمتهم.
قال تعالى:
"يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا " ( ١٠٨) النساء .