يعرِّف بعضهم فن الإقناع بأنه: "القدرة على تغيير موقف أو سلوك شخص أو مجموعة أشخاص تجاه فكرة معينة"، وأرى إضافة أن الإقناع أسلوب بلاغي عملي مهاري يمارسه المحاور الذكي المتمكن من معارفه المكتسبة والشخصية لتحقيق ما يُريد إيصاله للآخرين مخاطبة أو كتابة أو عبر وسائل التواصل الحديثة.
ولكي تكون مُحاورًا مُقنعًا لا بد أن تمتلك مهارات الإقناع الأساسية. وفي جلسة تدريبية كنت حاضرها خارج البلاد، أفادنا المدرب الدكتور أبو العزم عبد الجواد حميدة بضرورة تنمية مهارات الإقناع لدى المدرب وكل محاور ولخصها مشكورًا كما يلي:
- قناعة المتحدث الشخصية بالرأي الذي سيطرحه.
- احترام وجهة نظر الآخرين.
- سبر غور شخصية -شخصيات- المُتَحدث إليهم.
- ترتيب وتجهيز الحجج والأسانيد الداعمة لرأيه.
- يفضل البدء بالأسباب القوية ثم الأقوى لقبول الرأي.
- اختيار الوقت المناسب لطرح الرأي.
- اختيارالمكان المناسب لطرح الراي.
- اختيار الكلمات المناسبة حسب الموقف مستعينًا بـ(نبرة الصوت و لغة الجسد وحركة العيون).
- الاستعداد الأمثل بالرد الهادئ المتزن على كل استفسار.
ونرى أن تمتع المُحاور والمدرب وغيرهما في المواقف الحِوارية بالمظهر اللائق والابتسامات المقننة والسيطرة على المخاوف الذاتية وترك الجدال العقيم والحِدة والسخرية والتأنيب، وتفضيل العبارات اللطيفة مزايا مهمة مطلوبة وضرورية.
وقبل كل ذلك فإن التسلُح بالإنصات الجيّد يجعل من المحاور مع الآخرين في ورشة تبادل خبرات وليس مكانًا لفرض الرأي وإلا عَُّ ذلك إجبارًا مهما كانت الأفكار مرتبة وتدعمها حجج قوية وصحيحة.
فهل يَعي ويُراعي كل صاحب رأي ومُحاو رهذه الجوانب؟ لقد جاء في كتاب الله الكريم توجيهًا كريمًا لأنبيائه ورسله، ومنهم موسى وهارون عليهما السلام، فقد جاء التوجيه الإلهي لهما في مخاطبة الطاغية فرعون بقوله عز وعلا "فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ" طه 44.
وخاطب الله نبينا محمد عليه الصلاة والسلام بقوله تعالى: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ" إلى آخر الآية آل عمران 159، وقوله تعالى: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" النحل 125.
والجدال في الآية الكريمة يعني من احتاج إلى مناظرة وإقناع فليكن بالوجه الحسن وبرفق ولين وحسن خطاب كما قال المفسرون.