إثر حرب النكسة 1967م المشؤومة وهزيمة العرب فيها من الكيان الصهيوني الهزيمة الساحقة الماحقة، خسرت دول المواجهة فيها تحديداً سيناء المصرية والجولان السورية والضفة الغربية الفلسطينية بما فيها القدس الشريف وبعض جنوب لبنان.
انعقد في الخرطوم في 29 أغسطس 1967 م ولمدة 3 أيام مؤتمر القمة العربي الرابع، وحضرته دول الجامعة العربية عدا (سوريا) وتمخض المؤتمر عن (ثلاث لاءات) شهيرة وكأن كل يوم من أيام المؤتمر نجم عن" لا "، فكانت تلك اللاءات : لا للصلح ..لا للتفاوض..لا للاعتراف بهذا الكيان الصهيوني المدعوم أمريكياً واوروبياً .
وبعد نصف قرن ونيف من تلك النكبة المريرة والمؤتمرالوارد ذكره، تبخرت هذه اللاءات الثلاث تباعاً حيث بدأتها مصر باتفاقية كامب ديفيد 1978م والأردن باتفاقية وادي عربة والباقورة 1994م وفلسطين المحتلة صاحبة الشأن بـ"أسلو"الأولى 1993 و"أسلو" الثانية 1995 التي ينسب لممثلها الأول في مؤتمر الخرطوم ذاته السيد أحمد الشقيري تلك اللاءات الشهيرة، فجرى التفاوض والصلح والاعتراف وأصبحت بذلك (لا العرب) عند بعضهم نعم.
غير أن السلام المنشود الذي يعيد الأرض الفلسطينية المغتصبة لأهلها لم يتحقق بعد، ومع ذلك فإن بعض العرب الذين لم يكن لهم تواجد في مؤتمر الخرطوم المذكور كـ(دولة الإمارات ومملكة البحرين)، حيث كان استقلالهما 1971م ولكنهما قبل انتهاء عام 2020م أبرمتا اتفاقاً للسلام مع إسرائيل ثمنه التطبيع مع الكيان الصهيوني وتبادل المصالح، وقالوا له نعم ، ولم يعِدهم علناً بحل ينهي احتلاله الأرض الفلسطينية المغتصبة منذ 4 يونيو 1967.
وهاهو السودان بلد عاصمة اللاءات الثلاث يوقع اتفاقية مباديء تطبيع العلاقات مع إسرائيل ملتحقاً بركب الإمارات والبحرين قبل نهاية عام 2020 م.
ثم هاهو لبنان في طريقه لتوقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية " بعلم حزب الله" مع إسرائيل وربما قبل أن تلفظ سنة 2020 م أنفاسها الأخيرة.
لقد لعب هذا الكيان الصهيوني المغروس في سُرة الوطن العربي (فلسطين) على عامل الوقت ومكث طيلة نصف قرن يقرض الأرض الفلسطينية من أطرافها ومن وسطها ويقتل ويشرد ويضطهد الشعب الفلسطيني فاقد القيادة الموحدة نصف قرن حتى تحقق له ما يريد فتشرذم قادة المنظمات الفلسطينية وتشتت رأيهم وارتهنوا في العقد الأخير للاستقطابات الإقليمية (تركيا ..إيران..قطر) حتى وصل الحال بهم إلى الانقسام والاحتراب الأهلي فلا (عباس) يستطيع أن يدخل غزة ولا (هنية) يستطيع أن يدخل رام الله.
ثم هاهو التعامل الفلسطيني العلني مع الكيان الصهيوني واقعاً لا تحجبه سحائب التضليل بل شمل التعامل مع إسرائيل النواحي الأمنية والاقتصادية والصحية ورفدها بالعمالة في مشاريعها الاستيطانية وبناء جدارها العنصري.
وإذا كان بعض القادة الفلسطينين عانقوا زعماء إسرائيل في أوسلو وواشنطن وطابا وذرفوا الدموع على وفاة بيريز رئيس إسرائيل،
ورفض أسلافهم قرار الأمم المتحدة 181 في 29 نوفمبر 1947 الذي منحهم دول فلسطينية على مساحة 11000 كيلو متر مربع ثم فرّطوا في كل الفرص التفاوضية التي كانت ستحقق لهم قيام دولتهم فلسطين وبأفضل مما بقي حتى الآن من فلسطين التاريخية بفضل جهود عقلانية مخلصة ممن حرص من إخوانهم العرب على إيجاد حل يضمن قيام دولتهم المستقلة وكان ذلك دون منة أو مصلحة شخصية (وهم يعرفون ذلك ومن أقصد..) ولكن فرقة الفلسطينيين تؤكد الشك في عدم ذهاب وقضم البقية الباقية من فلسطين من قبل إسرائيل إن بقوا على حالهم هذا.
فهل من المقبول اليوم من أي فلسطيني بعد ذلك أن يعترض على خطوة أي دولة عربية في اتفاقها مع إسرائيل في ظل الجحود ونكران جميل سبعة عقود تصرمت من عمر القضية من أبواق أصحاب "الكظية " كما يدعون ..؟!