العلاقات السعودية الماليزية علاقات ثنائية تاريخية دولية وثيقة، وودية رائدة للغاية، بدأت من الستينيات في خط أفقي وعمودي نحو التوأمة والشراكة في التجربة والفائدة، والعمل لبناء أمة بحضارة حديثة نحو عطاءات الأوطان.. وتأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- لماليزيا إضافةً حقيقية لعمق العلاقة وقوتها النوعية والمتميزة على أشدها بين البلدين وأكثر عمقاً وتوسعاً مع رؤية المملكة 2030، ونهج قيادي بين البلدين يعكس التوافق القوي في وجهات النظر حول العديد من القضايا الإسلامية والدولية لنكون "ساتو" بمعنى الرقم واحد بالماليزي!
سفير خادم الحرمين الشريفين في ماليزيا فهد الرشيد، الذي -وللأمانة- صنع حضوراً دبلوماسياً رائعاً في ماليزيا، سألته إبان تشرفي بالعمل معه في ماليزيا قبل 3 سنوات حول كيف نكون "ساتو سعودي ماليزيا"؟، أجابني: "نحن كذلك، فالسعودية تحظى باحترام قدير لدى كافة الأوساط الرسمية والشعبية والتجمعات الإسلامية في ماليزيا، فهي بالنسبة لهم تشكل وحدة العقيدة الدينية والروابط الروحية، وماليزيا تتقارب وتلتقي كثيراً في عدة اتجاهات، بدءاً من العادات والثقافات.. وتمثل لنا دولة إسلامية صديقة نفخر ونعتز بها وعلاقتنا بها متميزة بكل ثقة ومتانة وتميز في المجالات الاقتصادية والعسكرية والعلمية والأصعدة الأخرى بفضل من الله".
وللمتابع اليوم، يجد أن الاستقبال المهيب من الحكومة الماليزية وشعبها وإعلامها وجامعاتها والرأي العام كافة للملك سلمان يلامس مدى العلاقة وكينونتها المستقبلية، وللمتابع كذلك يجد أن الحكومتين حرصتا على بذل كافة الجهود للحفاظ على التميز في العلاقات والعمل والشراكات ودفعها إلى الأمام من خلال وضع آليات متجددة على كافة الأصعدة.
وليس آخرها التعاون العسكري القائم بدرجة عالية، ومشاركة ماليزيا في قوات التحالف "عاصفة الحزم"، وانضمامها لـ"التحالف الإسلامي" العسكري لمحاربة الإرهاب، ومشاركتها كذلك في تمرين "رعد الشمال" للقوات العسكرية الإسلامية، وكذلك في تمرين "رماح الشمال 2016" في المنطقة الشمالية الغربية التابعة للقوات البرية السعودية، وفي العلاقات التجارية والاقتصادية تتضح العلاقات المتينة من تعدد الاتفاقيات لتعزيز الاستثمارات وحمايتها، وخير دليل حجم التبادل التجاري لعام 2015 المتخطي الـ(15) مليار ريال.
أما في الجانب العلمي والثقافي، فتبرز لمسات وعطاءات الملحق الثقافي السعودي البروفسور زايد الحارثي المتميزة والرائدة نحو خارطة طريق للعلاقات الأكاديمية والثقافية؛ فاليوم تعد الملحقية الثقافية بعد تملكها المبنى وسط كوالالمبور والذي افتتحه وزير التعليم أحمد العيسى من الملحقيات الثقافية الكبرى، مع إنجازات أخرى نحو تخصيص الجامعات الماليزية للطلبة السعوديين 100 مقعد لدراسة الطب و100 مقعد لدراسة التمريض، وإشراف متميز على ما يقارب 1500 طالب سعودي ليشكلوا جسراً تواصلياً حضارياً ثقافياً بين البلدين في أعرق الجامعات الماليزية تتقدمها جامعة ملايا "UM" والجامعة الإسلامية العالمية "IIUM" وجامعتا بوترا البحثية "UPM" ويو اس ام "USM" وغيرها، مما قدم فيها طلابنا الكثير من مشروعات تخرج مميزة نافسوا بها في مسابقات على مستويات مختلفة وسجلوا براءات اختراع مهمة وحصدوا جوائز ومراتب مشرفة، ومنه انطلقت الملحقية نحو برنامج التحول الوطني وملامح القوة الاقتصادية ضمن رؤية 2030، لتؤكد في الجامعات الماليزية رؤية شاملة لتطوير وتعزيز مكانة المملكة في المحافل الدولية، بخطط للمتابعة المباشرة للبرامج والأنشطة التي تهدف إلى الارتقاء بالعملية التعليمية والاستفادة من التجربة الماليزية بما يدفع عجلة التعليم والبحث العلمي في المملكة.
ويبقى تقدير الماليزيين يتضح في تقديرهم لخادم الحرمين الشريفين ولجهود السعودية في الاهتمام بالإسلام والمسلمين، وبالحرمين الشريفين والأراضي المقدسة، وخدمة الحجاج والمعتمرين والزائرين، مع إيمان متأصل كون زيارته -يحفظه الله- ستكون محورية مؤثرة في مسار علاقات متجددة في مختلف المجالات للوصول إلى "ساتو سعودي ماليزيا".