لقد استطاع فيروس كورونا أن يؤثر على بعض سلوكياتنا الاجتماعية وخاصة في عادات السلام والمصافحة والتي تعتبر من العادات المتجذرة والمترسخة في المفهوم الجمعي لدى مجتمعنا السعودي المسلم.
في أحد مجالس قريتنا سمعت لأول مرة كلمة " النظر سلام "عندما دخل أحد كبار السن إلى المجلس وبعد أن بدأهم بالسلام وسأل عن أحوالهم أردف بكلمة "النظر سلام ".
استغربت لحظتها لماذا لم يصافحهم واحداً واحداً، وبعد فترة عرفت أن هذه الكلمة لا تقال إلا عندما يكون العدد كبير جداً ويصبح من الصعب مصافحة الجميع أو عندما يكون القادم قد التقى بهؤلاء الأشخاص قبل ذلك وغيرها من المواقف التي تتحدد في حينها.
ومع انتشار فيروس كورونا بدأت أسمع هذه الكلمة وهي تتردد كثيراً ويطبقها الكثيرون أيضا، وهي وإن كانت تقال بطرق مختلفة إلا أنها تؤدي نفس المعنى فهناك من ينطقها "النظر سلام" وهي تعني أن النظر يقوم مقام السلام في أداء التحية، وهناك أيضا من ينطقها "السلام نظر" وهي تعني أن السلام سيكون بالنظر فقط دون مصافحة، وعلى أية حال فلعل هذه إحدى حسنات فيروس كورونا فيما لو افترضنا أن له حسنات، فقد أعتقت هذه الكلمة الكثيرون ممن لا يحبذون كثرة المصافحة والتي تفضي بالتالي إلى المخاددة وهي السلام بالخد أو السلام على الأنف والتي لو شاهدهم فيروس كورونا وهم يفعلون ذلك لاستلقى على قفاه ضاحكاً من الفرح لأن ضحاياه هم من سيقومون بنقل المرض إلى بعضهم البعض من دون أدنى عناء أو مشقة من قبل القاتل كورونا.
وحيث أن الشيء بالشيء يذكر فسوف أذكر لكم إحدى طرائف السلام وخاصة طريقة السلام بالخد والتي تختلف بطبيعة الحال من منطقة إلى أخرى حيث أن السلام بخد واحد موجود في منطقة بينما في منطقة أخرى لابأس من السلام بالخدين، وكان قد التقى اثنان من منطقتين مختلفتين من مناطق المملكة فتصافحا بالخد فقام الأول بالسلام على خد واحد فيما أراد الثاني أن يكون السلام على الخدين فتنازعا السلام حتى سقطت نظارتيهما على الأرض وعند ذلك انفجرا الاثنان بالضحك.
ومما لاشك فيه فإن السلام والمصافحة تعتبر من العادات الحميدة التي تقرب القلوب وتحبب الناس في بعضها البعض ولكن في ظل هذه الظروف الوبائية والتي يصبح انتقال الفيروس فيها عن طريق المصافحة خطراً محدقاً فإن التحرز والحرص يجب أن يكون ديدن الجميع وتبقى المحبة في القلوب والنظر سلام .