خلال عقود من الزمن، رسمت في الأذهان مجموعة من الصور التي تحولت إلى مسلمات ذهنية، فتم تصنيف العالم إلى دول متقدمة ودول نامية، شعوب متحضرة وشعوب متخلفة، أفكار متحررة وأفكار رجعية، ودون الخوض في أسباب هذه التصنيفات ومدى القناعة بها إلا أننا وجدنا أنفسنا نعتقد معياريتها للحكم على بعضنا البعض.
اليوم، ومع هذا الزائر العجيب الذي أعاد ترتيب الأفكار، فمسح صور وثبت أخرى، هزم معتقدات ونصر أخرى، ساهم في وضوح الرؤية للعالم بوضعه الحقيقي، بعد أن مسح عن وجهه آثار مساحيق التجميل، فسقطت الأقنعة وأشرقت شمس الحقيقة.
كنا نحلم بالعيش في تلك الدول المتقدمة، ونجلد الذات لعدم وصولنا إلى مستواهم، ونقلل من القدرات والإمكانات إن لم تكن في مستواهم، واليوم وجدناهم مع الزائر العجيب يعجزون عن تلبية متطلبات أساسية لحياة شعوبهم، بل وتخلوا عنهم، جعلوهم يواجهون مصيرهم لوحدهم دون اكتراث أو أدنى مسئولية، اختفت شعارات حقوق الأنسان، والاتحاد بين الدول، والأنظمة العملاقة، والتقنيات العالية، والميزانيات الهائلة، ظهر الوجه القبيح لتلك الأنظمة، وتدني مستوى المصداقية في شعاراتها.
قد تُرسم خارطة جديدة للعالم، وقد تتغير موازين القوى العالمية، الأكيد أن المعايير الثقافية والمجتمعية التي كانت قبل زيارة كورونا لن تكون هي بعدها، أصبح لدينا فضاءات مضاءة بعد أن كانت مظلمة وتولد لدينا قناعات سيبنى عليها فكر جديد.
في غمرة الإحباط وفضاء اليأس، برز الأمل، وأشرقت الشمس لتضيء دهاليز الحياة، وترسم صورة المستقبل المشرق -بإذن الله تعالى- من خلال الصورة التي رسمها وطني الحبيب قيادة وشعبًا، رغم أننا ما زلنا في معركة شرسة مع فيروس كورونا، إلا أننا ومن خلال ما شاهدناه ولمسناه وعشناه من أن المواطن أولًا شعارًا وهدفًا، فكان الإيمان بالله أولًا يقينًا صادقًا، ثم القرارات الاستباقية الجريئة، والخطط البديلة المتقنة، والتعاملات الإلكترونية الراقية من مختلف القطاعات، وكأنها عملت لمثل هذا اليوم، والتلاحم القوي بين الشعب والحكومة، والتناغم الرائع بين القطاعات الحكومية والأهلية والخيرية والمجتمعية أدوات رئيسية لمواجهة هذا الزائر العجيب والذي سننتصر عليه -بإذن الله تعالى-، وسنخرج أقوى مما كنا عليه ورب ضارة نافعة.
التعليقات 1
1 pings
أحمد الشدوي
29/03/2020 في 6:51 م[3] رابط التعليق
احسنت و أفدت وأجدت ، بارك الله في علمك وعملك ، وأنت أخ علي عضو فاعل وإيجابي في مجتمعك تلقي المعلومة وتنمي المهارة وتعدل القناعة وتغير السلوك للأفضل بإذن الله ، وحق لنا أن نفخر ونفاخر بدولتنا المملكة العربية السعودية والتي أصبحت نموذجاً يحتذى به في دول العالم ، وماتقوم به ينال إعجاب وتقدير الدول الأخرى … هنيئاً لنا بسعوديتنا .. وحفظ الله لنا قادتنا ، ورفع الله رايتنا ، راية الحق راية العز والشموخ 🇸🇦