لا تستطيع الفرار من قراءة الخبر الذي يشير إلى أن شرطة نيويورك الأميركية تبحث عن مشتبه بهم في الاعتداء على مسلمين، وعرب من المملكة، في حادثتين من جرائم الكراهية. قام المعتدون بسؤال ضحاياهم قبل الاعتداء عليهم عن ديانتهم، وهل هم من المسلمين، او من المملكة بحسب التقارير الإعلامية. و يتولى التحقيق فيها قسم جرائم الكراهية. والوقفة المطلوبة هنا هي، هل جرائم الكراهية جزء من صناعة ثقافية تولد حراكا ووظائف ؟ أم ان المجتمعات الغربية فعلا باتت تدفع ثمن نتائج خطاب الكراهية الناعم الذي يخرج من تحت عباءة عنصرية، طالما أن المستهدف هم أناس خارج التصنيف. فالتليفزيون الأميركي، والسينما منذ القرن الماضي، وباعتراف بعض رموزه، تشير الى عدم اكتراثهم بالضحايا من العرب والمسلمين في الخارج، فهم ليسوا من أبناء الجلدة، أو من الجيران في كانساس. وبعد أن وصلت الجرائم إلى بيوتهم الآن، نجد أن أقسام الشرطة في معظم المدن الاميركية، بل وحتى الأمن والسلامة في الجامعات، بات لديها أقسام لجرائم الكراهية. فتتعجب من الحرص على معالجة النتيجة، وترك السبب يستفحل. والأمر لا يقتصر على الولايات المتحدة بل انتقلت العدوى الى أوروبا، وربما آسيا. فخطاب الكراهية ضد المسلمين والعرب لم يعد ينتج من اجل الترفيه، بل أصبح مصدر رزق وظيفي للشرطة، بالظبط كالحانوتي الذي يقتات من تجارة الموت. ولكن جرائم الكراهية لم تعد تهديدا لفظيا فقط، بل تعدت ذلك إلى الاعتداء الجسدي، وتخريب الممتلكات، وربما الترحيل الطوعي من السكن، والحي وتنتهي أحياناً بالقتل. وفي ظل مآسي المنطقة نحتاج إلى وقفة تطوعية، ومعرفية، لدراسة إمكانية تجفيف منابع خطاب الكراهية ضدنا، طالما أنهم انشغلوا بالحصول على وظيفة حائط الصد ضد جرائم الكراهية. ولعل المهم في كل هذا أن جرائم الكراهية في الغرب لا تقتصر على العرب والمسلمين، بل وتشمل مجموعات من بني جلدتهم مثل المعوقين، والأطفال، والنساء، وبعض الطبقات الاجتماعية. ولكن جرائم الكراهية ضدنا ازدادت، وأصبح يقوم بها من هم أصلا ضحايا العنصرية، مثل بعض السود في الخبر من نيويورك.
وقد قامت في وجه تلك الجرائم المبنية على احتقار الإنسان، كضحية خطاب، أو صورة التمييز، والكراهية مجموعات تناهض تلك السلوكيات . ومن ابرز تلك الجهود حركة "بعيدا عنا" او ليس في مجتمعنا. وتشعبت الحركة الى مجموعات من الأنشطة، مثل "ليس في جامعتنا". و قد اكتسبت الكثير من التأييد لدفع الضرر. فطالما ان الشر الموجه ضدنا قد اوجد وظائف لهم، فليسعَ أبناء جالياتنا على الأقل من استثمار تجاربهم لكشف الظلم، ووقف العنف ضد أبناء الجالية.
الرياض