في ظل الفوضى التي نعيشها في عالمنا بصفة عامة والعالم العربي بصفة خاصة، وفي ظل التحديات التي تواجهنا لصناعة الاستقرار المنشود الذي تصبو إليه أفئدة المواطنين في عالمنا العربي الذين عاشوا حالة الفوضى العارمة التي زرعت الخوف من المستقبل، وجعلت حاضرنا حاضرا مشتتا حاضرًا هزيلًا لا يستطيع المواطن العربي أن يقف على أرضية صلبة، لينطلق منها نحو تحقيق أهداف الاستقرار ولا يستطيع أن يبني آمالا أو طموحات مستقبلية.
كل هذا الواقع المرير الذي نعيشه فرض علينا بعض التساؤلات، ألا يوجد في عالمنا العربي من يجمع شتات هذه الفوضى ويعيد إلى هذه الأمة مجدها وعزتها وشموخها المسلوب؟ ألا يوجد في عالمنا المعاصر هممًا وقممًا تحمل على عاتقها إعادة الشارع العربي إلى صوابه ورشده وإعادة ترتيب صفه المبعثر؟
وعند البحث عن إجابة لهذه التساؤلات جال بخاطري المتواضع "مؤسسة الفكر العربي"، هذه المؤسسة الفريدة من نوعها في العالم. والتي أسميها كما أراها من وجهة نظري "جامعة الفكر العربي". وهنا أطرح تساؤلًا آخر، هل هذه المؤسسة واقع ملموس أم خيال محسوس نستغيثه ونرجوه أن يكون واقعًا؟
إذا كانت الإجابة نعم، فلماذا إذا نغيب هذا الواقع عن حياتنا؟ كيف يمكن لنا أن نتجاهل مثل هذه المؤسسة التي حملت على أكتافها جمع وتوحيد الفكر العربي ونجحت بكل اقتدار في لم هذا الجمع والشمل المتبعثر. نحن نبحث في حياتنا عن خارطة طريق إلى حل هذه الفوضى. وها هي الخارطة تقبع على أرض الواقع، ففي كل عام يكون هناك مؤتمرًا ليس فقط عربيًا بل دوليًا تجتمع فيه كل العقول والثقافات المتنوعة لمناقشة أوضاع عالمنا، وتطرح المشكلات وتوضع التوصيات ونخرج بالنتائج والعلاج، ولكن ينقصنا الأخذ بهذه الأفكار وتلك التوصيات والعمل بها.
إذًا فمؤسسة الفكر العربي واقع ملموس بزغ فجره ليضيئ سماء بلادنا العربية، وليست خيالًا، فهذه المؤسسة الفتية جاوزت مرحلة الخيال الذي كنا نعيشه في يوم من الأيام، وأصبحنا نستلهم منها دروسًا تعلمنا كيف نرسم لمستقبلنا حياة ننعم فيها بالأمن والاسقرار. ذلك لأن خلف هذه المؤسسة رجال نذروا أنفسهم لخدمة أمتهم إيمانًا منهم بأهمية الوحدة العربية في مواجهة التحديات وفرض الاستقرار، فلا هيئة الأمم المتحدة استطاعت أن توحد العالم، ولا الجامعة العربية استطاعت أن تجمع العالم العربي.
وكان على رأس هذه المؤسسة الفتية صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، وكان له دور كبير في تأسيس هذه المؤسسة فسقاها فكرًا مستنيرًا متزنًا واضحًا، فجَنَت تجمعًا عربيًا ثقافيًا لا يوجد له مثيل على مر التاريخ.