قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. صلاح البدير – في خطبة الجمعة – : الحج ليس موضعاً للخصومات والمنازعات , والمجادلات , ولا مكاناً للتجمهرات والمظاهرات والمسيرات ولا موقعاً للشعارات والحزبيات والعصبيات والحج أجل وأسمى وأعلى من أن يكون مسرحاً للخلافات الحزبية والمذهبية وموطناً للنزاعات الطائفية والسياسية .
وقال : لقد هب النسيم الرقيق العليل نقياً زكياً مضمخاً بعبق شعائر الحج ومشاعره وعلائمه ومعالمه وفروضه وحرم الله الآمن الذي أوسعه كرامةً وبهاءً وجمالاً وعظمة وقداسة وجلالاً , وهذه أفاويج الحجيج تؤم البيت العتيق وتلبي من كل فج عميق وتفد من كل طرف سحيق تغمرهم سيول الأفراح وتغشاهم فيوض الانشراح .
وتحدث إلى حجاج البيت العتيق قائلا : قدسوا الحرم , وعظموا حرمته , وراعوا مكانته ,وصونوا هيبته , والتزموا بالأنظمة والتعليمات واحذروا ما يعكر صفو الحج , أو يخالف مقاصده , أو ينافي أهدافه.
وتابع : تعلموا فقه الحج وشروط إجزائه وصفة أدائه قبل أن تتلبسوا بالإحرام وتقصدوا البيت الحرام وكم من حاج ركب من الأمر أجسمه وأعظمه حتى بلغ الديار المقدسة ثم شرع في أداء نسكه فإذا هو لا يدرك أحكامه ولا يحسن إتمامه فعاد إلى وطنه وقد ترك ركناً أو أسقط شرطاً أو أهمل فرضاً أو ارتكب محظوراً أو أتى محذوراً .
وأضاف : عقيدة الإسلام جمعتكم وفريضة الحج نظمتكم وأواصر الدين وحدتكم فتراحموا وتعاطفوا وتعاونوا , ولا تدافعوا , ولا تزاحموا , ولا تقاتلوا , ارحموا الضعيف , وأرشدوا الضال , وساعدوا العاجز المحتاج
وعليكم بالرفق والتمهل والترسل ولين الجانب والمسامحة وترك المزاحمة واجتنبوا الغلو وارموا الجمار بالحصى الصغار الذي هو قدر الباقلاء , أو النواة , أو الأنملة وإياكم ومجاوزة حد الشرع وتأسوا بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في نسككم وأعمال حجكم .
وقال : أكثروا من التوبة والاستغفار , وأظهروا التذلل والانكسار , والندامة والافتقار , والحاجة والاضطرار , فإنكم في مساقط الرحمة , ومواطن القبول , ومظنات الإجابة والمغفرة والعتق من النار ، وتذكروا جلالة المكان , وشرف الزمان , تلقى الله دعاءكم بالإجابة , واستغفاركم بالرضا , وحجكم بالقبول , وجعل سعيكم مشكوراً , وذنبكم مغفوراً , وحجكم مبروراً .
وتحدث خطيب الحرم عن يوم عرفة قائلا : هو يومٌ شريف منيف كريم , وعيد لأهل الموقف عظيم , يومٌ تعتق فيه الرقاب , يومٌ تسمع فيه الدعوات وتجاب , يومٌ كثُر فيه خير ربنا وطاب , وما من يومٍ أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة وإنه ليدنوا ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء , وأفضل الدعاء بركة وأجز له إثابة وأعجله إجابة دعاء يوم عرفة , فاجتهدوا فيه بالتضرع والثناء والدعاء , ويستحب صيام يوم عرفه لغير الحاج , وصيامه يكفر السنة الماضية والباقية .
واختتم الخطبة بالدعوة إلى التكبير في الأرجاء والأنحاء والبنيان والخلاء والعمران والفضاء ، في الصباح والمساء ، حتى يبلغ التكبير عنان السماء.