هذا ما غرسه الملك عبد العزيز -رحمه الله- وأسقاه بالجهد والعرق سواعد وفكر الأبناء البررة من بعده، في عمل عظيم غير مسبوق، وفي خطوات متسارعة تتحدث عنها المشاهد الجميلة على الأرض، وتنطق بها عقول الرجال والنساء من المواطنين والمواطنات.
* *
ماذا لو كان عبد العزيز حيًا بيننا، وشهد بنات أفكاره وقد تحقق منها ما كان مصدر عهده ووعده وإلهامه بأن تكون هذه البلاد درة بين بلدان العالم، في وحدتها وحضارتها وتطورها واعتمادها على عقول أبنائها من المواطنين والمواطنات.
* *
لقد وحد الأب المؤسس قارة في دولة مترامية الأطراف من البحر إلى البحر، في عمل كبير، وفكر خلاق، ورؤية مبكرة، وعزيمة وإصرار وتنبؤ بما سيصير، فإذا ببلادنا تتحول من قرى متناثرة بإمكانات متواضعة، إلى مناطق حضارية متطورة تجمعها الوحدة التاريخية التي صنعها عبد العزيز، وولدت من بين يديه.
* *
ماذا لو كان عبدالعزيز حيًا بيننا وألقى نظرة على ما كان قد بشّر به من تطور قادم، وأن هذا التطور يتحقق الآن بمثل ما كان يقوله ويتحدث عنه، موثقًا بالصوت والكلمة والتاريخ الذي يشهد لبطل الوحدة بأنه كان صاحب المجد والغرس والنضال من أجل أن نكون وبلادنا كما نحن عليه الآن.
* *
التطور ليس فقط في التنمية والتعمير، ولا في استكمال متطلبات المدن الحضارية في كل مدينة وقرية في بلادنا فقط، وإنما التطور الحقيقي في امتداده وملامسته عقول المواطنين، بدءًا من توطين البادية، مرورًا بفتح المدارس والجامعات لتعليم المواطنين من الجنسين، إلى حصول المواطنين والمواطنات على أعلى الشهادات في جميع التخصصات في عمل مخطط له ومدروس بعناية ضمن برامج الملك عبد العزيز في توحيد الدولة وأسلوب وآليات عملها.
* *
كان الأبناء من بعده ملوك المملكة سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله – رحمهم الله – على خطى سيدهم الوالد العظيم، يستلهمون فكره، ويحاكون عمله، ويسيرون على خطاه، ومع كل ملك كانت هناك إنجازات كبيرة، ومع كل ملك رأينا الجديد الذي أفرحنا، فجميعهم أضاف أعمالاً عظيمة إلى ما عمله سلفه، ومع كل ملك يخلف أخاه، كان البناء والتطور في تسارع غير مشهود بهذه الصورة في غير بلادنا.
* *
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ها نحن على موعد مع ما نرى من بشائر جديدة نحو مستقبل مشرق، وتطور متواصل، ومواجهة صلبة في حماية الأرض من الأعداء الشريرين، والعزم والتصميم على أن تكون المملكة كما أرادها الملك المؤسس الدولة التي لا يقهرها أو يعيدها إلى الوراء انخفاض أسعار نفطها، فالبدائل للتعويض كثيرة جدًا، ولن يضعف من إرادتها أن يتكالب الأعداء ضدها، فهي الأقوى والأكثر صمودًا وقدرة بإيمانها وتلاحم شعبها على حسم المواقف لصالحها.
* *
بلادنا دولة عظيمة، في أمنها واستقرارها ووحدة القلوب بين مواطنيها، في قياداتها، وإمكاناتها، واستقلالية قرارها، واعتمادها على مواطنيها بعد الله في حمايتها من أعدائها، وهذا ما ميزها، وأمن مستقبلها، ووثق الثقة الدائمة لدى المواطنين بأن بلادهم ماضية بقوة نمو المزيد من التطور.
امض يا سلمان مع عضديك المحمدين، كما تفعل الآن، بشجاعة وقوة، منصورًا من الله، ومدعومًا من شعب يحبك، ويقف إلى جانبك، حارسًا أمينًا، ومدافعًا صادقًا ضد كل من يفكر بأن يسيء إلى المملكة وقيادتها وشعبها.
* *
حفظ الله بلادنا رمز الاستقرار والمشروعات الكبيرة، وأبقاها كما هي، الدولة التي تعتمد على الله ثم على قيادتها وشعبها في تحقيق ما رسمه المؤسس لها، وتتطلع إليه الأجيال جيلاً بعد جيل، فالمملكة يجب أن تكون دولة حضارية ومتطورة ولا مثيل لها بين الدول، وهي كذلك الآن ودائماً.