قال صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، الرئيس الشرفي للمجلس العربي للمياه، إن اختراق الشبكات الحيوية للدول لأهداف سياسية أو إرهابية، يسبب خسائر مادية رهيبة وهائلة لها تأثير مباشر في الاحتياجات المعيشية للإنسان من ماء وغذاء وطاقة وبيئة.
وقال سموه في كلمته أمام المنتدى العربي الرابع للمياه الذي بدأت أعماله أمس بالقاهرة تحت عنوان (الشراكة في المياه .. مشاركة في المصير سعيًا لتحقيق الأمن المائي العربي)، إن “شعار المنتدى شعار عظيم وهدف طموح نرجو جميعًا تحقيقه تحقيقًا واقعيًا بمجهودات جادة، أمينة وصادقة، حتى تصبح ثقافة قوامها: التعاون والتآزر، والتفاهم وعدم الأنانية”.
وأضاف أن “هذا ما أسميناه سابقًا دوائر الأمن الرباعية”، متسائلاً: ” فهل هذا الاختراق الإرهابي يحتاج إلى جيوش تقاتل لفرض إرادتها؟ أم يكتفي بإدارته الحرب إلكترونياً ليتحقق أولاً تلوث المياه بيولوجيًا وإعاقة الصرف الصحي وانهيار أمن الغذاء والطاقة والبيئة لتنتهي المعركة بهزيمة الطرف الآخر وفرض الإرادة عليه، من دون طلقة واحدة، ليصبح البديل الوحيد أمامه، هو اضطراره إلى الاستجابة للابتزاز ودفع الفدية وتنفيذ المطالب بلا قيد أو شرط والحوادث التي وقعت خلال السنتين الماضيتين تعد شاهداً واضحاً على ذلك.
وأكد سمو الأمير خالد بن سلطان ” أنه لن تقع حروب للسيطرة على مصادر المياه أو تدميرها، ولكن سيكون ذلك بأسلوب تقني غير تقليدي، وهو الحرب السبرانية، حرب الفضاء الإلكتروني والتي نعيش بعض أحداثها الآن”.
وتابع قائلاً: “إن الحرب القادمة عمومًا، ستكون حربًا إلكترونية أو حربًا على أمن الفضاء الإلكتروني، ما يؤدي إلى حدوث أعظم الخسائر البشرية والمادية، بأقل جهد ممكن ومن دون تجييش القوات المسلحة، بل عكس ذلك، فإن اختراق أنظمة القيادة والسيطرة والاتصالات والحواسب والاستخبارات (C4I) سيكون هو السلاح المدمر الخطير والمدخل إلى العمليات كافة”، وشدد على أن الاختراق الإلكتروني أصبح أداة جديدة أو هو نوع جديد من أنواع الحروب الأكثر احتمالاً، والتي تبدأ بالاختراق ثم التجسس على الأنظمة المعلوماتية، والوصول إلى الشبكات الإلكترونية ومن ثم إعاقة أنظمة التحكم والسيطرة عليها، وتحقيق الأهداف بتطويعها أو تدميرها، مشيرًا إلى أن الحوادث التي وقعت خلال السنتين الماضيتين تعد شاهداً واضحاً على ذلك.
وأشار سمو الأمير خالد بن سلطان إلى أن معظم العلماء في مجال المياه اتفقوا على أن الماء الموجود على سطح الأرض وفي باطنها يكفي بل يزيد على الاحتياجات الإنسانية، ولكن المعضلة الحقيقية تكمن في سوء الإدارة المائية وغياب الوعي المائي، وضعف الثقافة المائية لدى البشر، وعدم كفاءة إدارة المياه عنصرًا فاعلاً من عناصر الأمن الوطني للدولة.
ونوّه سمو الرئيس الشرفي للمجلس العربي للمياه، بأهمية الإدارة الراشدة والسلوك المائي المتحضر في ضوء تأصيل علم الاجتماع المائي واتباع المراحل الست لدورة الإدارة الناجحة، والاستخدام الرشيد لكل تقنية متاحة بما فيها التكنولوجيا النانومترية في المحافظة على نعمة المياه، من مصادرها كافة.
ودعا سموه النخبة من الخبراء العرب، والعلماء في مجال المياه في المنظمات الدولية والمحلية والوطنية، إلى الابتكار والإبداع في مجال الإدارة وتحديدًا «إدارة الموارد المائية».
واقترح سموه سداسية الحل في زيادة الوعي المائي، وتحقق الإرادة السياسية الراشدة، واتباع منهج الإدارة المعرفية المتكاملة للمياه، واعتماد الحوكمة العالمية المائية العادلة، وتسخير التقنية النانومترية لخدمة الأهداف الإنمائية، واتخاذ الإجراءات التقنية لمواجهة الهجمات المستمرة على أمن الفضاء الإلكتروني، وبخاصة المائي منها.
وكان سموه قد وجه في بداية الكلمة العزاء لمصر قيادة وشعباً في شهداء مسجد الروضة في شمال سيناء، مؤكداً ” أن مصر ستظل آمنة إلى يوم الدين، وبلد الأمن والأمان”.
وقد واصل المنتدى أعماله لليوم الثاني باستعراض عدد من المحاور وهي: المياه والتنمية المستدامة، والترابط بين المياه والغذاء والطاقة والتكيف مع التغيرات المناخية، ونوعية المياه والنظم الإيكولوجية، والحلول المستدامة للموارد المائية المشتركة، والمياه في مجال العلم والتكنولوجيا والابتكار.
ويهدف المنتدى الذي يعقد كل ثلاث سنوات ويختتم أعماله غدًا الثلاثاء إلى اجتماع أعضاء المجلس من 22 دولة عربية مع شركائهم من الخبراء والعاملين بمجال المياه بالمنطقة العربية ومن جميع أنحاء العالم، لاستعراض القضايا والتحديات داخل قطاع المياه في المنطقة العربية والتي تعد أكثر المناطق ندرة في الموارد المائية.