أكد وزير الإعلام معمر الإرياني أن الميليشيا الحوثية تعمل على تدمير الإرث التاريخي والحضاري اليمني، من خلال العديد من الممارسات الممنهجة في محاولة لطمس هوية وحضارة وتاريخ اليمن ومنها سرقة الآثار وتدمير المكتبات والمآثر التاريخية ومصادرة وإحراق المخطوطات والكتب النادرة إلى تمزيق النسيج المجتمعي والتعايش المذهبي الذي عاشه اليمنيون على مدى أكثر من ١٤٠٠ عام، وتغيير المناهج الدراسية بصورة طائفية في محاولة منها لطمس الهوية اليمنية وتغييرها في عقول الأجيال الجديدة بأحداث مزيفة تتوافق مع مشروع إيران الطائفي.
وتحدث وزير الإعلام في الندوة التي عقدها دار مسارات للدراسات والتطوير ومعهد ابن سيناء الفرنسي في مقر نادي الصحافة الأوروبي بالعاصمة البلجيكية بروكسل تحت عنوان “اليمن حضارة وتاريخ.. الحال والمآل” عن المعاناة الإنسانية التي يعيشها الشعب اليمني نتيجة إنقلاب الميليشيا الحوثية على مؤسسات الدولة.
وقال: “ان اليمن الذي عرف على مدى الحقب التاريخية المختلفة باليمن السعيد لم يعد سعيدًا، حيث يعيش اليوم واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم ولم يتمكن أكثر من أربعة ملايين ونصف المليون طفل من العودة الى المدارس هذا العام بسبب استخدام الميليشيات لموارد الدولة في خدمة مجهودها الحربي ووقف صرف المرتبات في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات وهو الأمر الذي يجعل منهم عرضة للاستقطاب الطائفي والزج بهم من قبل الميليشيات في الجبهات العسكرية وقد ظهرت هذه النوايا من خلال تصريحات بعض قادة الميليشيات واحد وزراء حكوم الانقلاب الذي طالب بإغلاق المدارس وإرسال الطلبة الى جبهات القتال”.
وأضاف الإرياني: “التحالف العربي بقيادة الأشقاء في المملكة العربية السعودية قام بتلبية النداء الذي أطلقه فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي لإنقاذ الشعب اليمني ومساعدة حكومته الشرعية في التصدي لمشروع الميليشيا الحوثية المدعومة من إيران، إيمانًا منها بخطورة هذا المشروع الطائفي العنصري على تاريخ وحضارة اليمن وشعبه العريق الذي لا يمكن أن يكون الا جزءًا من محيطه العربي والإسلامي ولا يمكن أن يتحول إلى مصدر تهديد لجيرانه وأشقائه”، مجددًا رفض الحكومة اليمنية أن يتحول اليمن إلى منصة لإطلاق الصواريخ على دول الجوار أو أن يصبح اليمن مصدر تهديد للأمن والسلم الإقليمي والدولي وحركة التجارية العالمية.
واستغرب الإرياني الصمت المريب من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية تجاه ما يتعرض له الإرث الإنساني والحضاري اليمني من تدمير على يد الميليشيا الحوثية، التي باتت تتعامل مع أبناء الشعب اليمني كرهينة تحاول من خلالها الضغط على المجتمع الدولي والإقليم للقبول بوجودها بالشكل الإرهابي الذي هي عليه، وهو الأمر الذي لا يمكن القبول به لما سيكون له من تأثيرات وتبعات خطيرة على أمن المنطقة والأمن والسلم الدوليين.
وجدد وزير الإعلام التأكيد على أن فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي كان وما زال يسعى جاهدًا لتحقيق السلام الشامل والعادل والقائم على المرجعيات الثلاث المتمثّلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني والقرارات الدولية وفي مقدمتها القرار ٢٢١٦.
وثمَّن الإرياني الجهود التي تبذلها الحكومة والقيادة السياسية ممثلة بفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي ونائبه الفريق علي محسن صالح ورئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر، والتي تعمل بالرغم من شحة الإمكانيات والصعوبات الكبيرة من خلال ثلاثة مسارات هي استعادة الدولة أما عن طريق المفاوضات او العمل العسكري، وإعادة بناء ما دمرته الحرب التي شنها الانقلابيون على الشعب والدولة، ومكافحة الإرهاب والتطرف، مرحبًا بالدعوة التي أطلقها معهد إبن سيناء لكافة المنظمات الدولية لتنظيم حملة دولية تنطلق الشهر القادم من مدينة ستوكهولم تحت شعار “لنا متحدون من أجل الحفاظ على تراث الشعب اليمني” والتي تهدف الى تسليط الضوء على ما يتعرض له اليمن وشعبه بسبب الإنقلاب الحوثي.
من جهته قال رئيس معهد إبن سيناء للدراسات محمد بشاري: “إن العامل المشترك بين كافة الميليشيا الإرهابية على اختلاف مذاهبها وتوجهاتها هو تدمير الذاكرة الانسانية ، فهي لا تكتفي بقتل الإنسان بل تتعدى ذلك إلى تدمير الذاكرة الإنسانية وهو الأمر الذي تصنفه منظمة اليونيسكو ضمن جرائم الحرب التي يجب تقديم مرتكبيها الى محكمة الجنايات الدولية”.
ودعا بشاري الى ضرورة تفعيل المعاهدات الدولية في الحفاظ على المآثر التاريخية والحضارية بإعتبارها ملكية إنسانية مشتركة وطالب المجتمع الدولي تحمل مسئوليته تجاه ما يتعرض له الشعب اليمني وموروثه الحضاري من تدمير وتشويه على يد الميليشيات الإنقلابية الحوثية.
وتحدث الخبير القانوني والحقوقي الفرنسي القاضي كارين ميرستشاوت عن الانتهاكات التي تمارسها الميليشيا الحوثية بحق أبناء الشعب اليمني وأستعرض عددًا من الارقام التي أوردتها تقارير منظمات حقوق الانسان عن الانتهاكات التي مارستها وتمارسها الميليشات الحوثية وخاصة ما يتعلق منها بتجنيد الأطفال والاعتقال خارج نطاق القانون واختطاف الصحفيين والناشطين السياسيين وإخفائهم قسرًا وعقد محاكمات لا تتوفر فيها ابسط شروط المحاكمة العادلة.
وعبَّر ميرستشاوت عن استغرابه من صمت المجتمع الدولي تجاه ما تمارسه هذه الميليشيات الانقلابية من انتهاكات جسيمة بحق اليمن حضارة وإنسانًا.
حضر الندوة نائب وزير حقو ق الانسان الدكتور سمير شيباني، وسفير اليمن لدى مملكة بلجيكا محمد طه مصطفى، وعدد من الباحثين والمهتمين بالشأن اليمني من عدد من الدول العربية ودوّل الاتحاد الاوروبي.