أمَّ المصلين لصلاة الجمعة فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور فيصل غزاوي, مبتدئاً خطبته بحمد الله والثناء على نعمه والصلاة والسلام على نبينا صلى الله عليه وسلم, وتوصية المصلين بتقوى الله.
ثم قال فضيلته: إن وجود القدوةِ الحسنةِ في حياة المسلم ضرورةٌ حتمية، ليُقتدى بها وتُكتسبَ منها المعالمُ الإيجابية, وتكونَ دافعا حثيثا لتزكية النفس واستنهاض همتها والارتقاء بها في مدارج الكمال .
ومن فضل الله على أمة الإسلام أن اختار صفيَّه ومصطفاه وخيرتَه من خلقه محمدا صلى الله عليه وسلم ليكون خيرَ قدوة لها في امتثال هذا الدين، والالتزام بقيم الإسلام وأخلاقه وأحكامه.
وقد ثبّت الله نبيه على دينه وأيده بنصره وأعزه ومكنه وأعانه في كل أحواله، فكان مثالاُ يُحتذى في التزام الإسلام حتى الممات .
ومن الصور الجلية في هذا الجانب ثباتُه على عبادته لربه ومواظبتُه واستمراره في العمل, وهذا يتمثل في صبره على طاعة الله واجتهاده في اغتنام القربات وكسب الحسنات.
وقد التزم النبي صلى الله عليه وسلم هدي ربه وتمسك به على الرُّغم من محاولة المشركين صرفه عن حُكم القرآن وأوامره، قال الله تعالى ممتنا على رسوله ﴿ وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتّخَذُوكَ خَلِيلاً, وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلا﴾.
ولا يفهم مما سبق أن يتجاوز العبدُ هديَه صلى الله عليه وسلم ويخالفَ سنته، فيخرجَ عن حد القصد والاعتدال, فعندما عدَّ النفرُ الثلاثةُ عملَ النبي، صلى الله عليه وسلم، قليلاً وبنوا على ذلك منهاجا لهم فقَالَ أَحَدُهُمْ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا, وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ, وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا, بادر صلى الله عليه وسلم بإرشادهم وتصحيح أفكارهم ومفاهيمهم بقوله: ( … أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِله وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي) الحديث متفق عليه من رواية أنس بن مالك رضي الله عنه.
ومن صور ثباته صلى الله عليه وسلم ثباته في دعوته إلى الله إذ ظل في مكة يدعو الناس إلى لا إله إلا الله وإلى عبادة الله، ويحذرهم من الشرك بالله ومن عبادة الأوثان، سراً وجهاراً، ليلاً ونهاراً، لا يكل ولا يمل .
ولم يَثن عزمَه سعيُ المشركين للحيلولة دون وصولِ دعوته إلى الناس, ولم يزده ذلك إلا ثباتا وبذلا لمزيد من الجهد في سبيل تبليغ الدعوة ونشر الإسلام .
أيها الإخوة: إن الثبات في أيام الفتن ووقت المحن والبلاء فضله عظيم وأجره كبير، ولذلك بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتَ على دينه بأجر خمسين من الصحابة
وأضاف فضيلته بأنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو ويسألُه ربَّه أن يثبته على كل الأحوال كقوله عليه الصلاة والسلام : (اللهم يا مقلبَ القلوب، ثبت قلبي على دينك)، وقولِه ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الأَمْرِ …).
وإذا كان الثبات بيد الله وحده, وهو نعمة إلهية ومنحة ربانية والنبي الكريمُ المؤيدُ بالوحي والموعودُ بالنصر والتمكينِ يطلب عونَ ربه ويدعوه أن يثبته فما أحرى المؤمن أن يسأل الله الثبات من قلب صادق ويلجأُ إليه متضرعا ألا يُزيغَ قلبَه ولا يفتنَه بشيء من زهرة الحياة الدنيا, وفي المقابل يحذر أن يكون ممن وصف الله عاقبتهم
إن الثبات معناه الاستمرار في طريق الهداية والالتزام بمقتضيات هذا الطريق والمداومة على الخير والسعي الدائم للاستزادة من الإيمان والتقوى.
والثبات على الدين لا يكون بكثرة الاستماع للمواعظ إنما يكون بفعل هذه المواعظ وامتثالها في واقع الحياة.
فإن الله يثبت الذين آمنوا بسبب ما قاموا به من الإيمان، الذي هو القيام بما وعظوا به، فيثبتهم في الحياة الدنيا عند ورود الفتن في الأوامر والنواهي والمصائب، فيحصل لهم ثبات يوفقون به لفعل الأوامر وترك الزواجر، وعند حلول المصائب التي يكرهها العبد فيوفق للتثبيت بالتوفيق للصبر أو الرضا أو الشكر, فيَنزل عليه معونةٌ من الله للقيام بذلك, ويحصل له الثبات على الدين عند الموت وفي القبر.
- 24/11/2024 أمير منطقة الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة في الرياض
- 24/11/2024 تحت رعاية سمو ولي العهد.. المملكة تستضيف غدًا مؤتمر الاستثمار العالمي لعام 2024م في الرياض
- 24/11/2024 خادم الحرمين الشريفين يصدر أمرًا ملكيًا بتعيين (125) عضوًا بمرتبة مُلازم تحقيق على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي
- 19/11/2024 خادم الحرمين الشريفين يرأس جلسة مجلس الوزراء .. ويصدر عددًا من القرارات
- 19/11/2024 نائب أمير مكة يستقبل رئيس الشؤون الدينية بالحرمين الشريفين
- 19/11/2024 نيابةً عن سمو ولي العهد.. سمو وزير الخارجية يرأس وفد المملكة المشارك في الجلسة الثانية لقمة مجموعة العشرين
- 18/11/2024 برعاية أمير منطقة مكة المكرمة.. تدشين التجمع الغذائي بجدة الأحد المقبل
- 18/11/2024 “التعليم”: إلغاء ارتباط الرخصة المهنية بالعلاوة السنوية واستمرار الحصول عليها عنـد التوظيف أو التعاقد الجديـد
- 17/11/2024 وزارة الخارجية تعرب عن إدانة واستنكار المملكة بأشد العبارات مواصلة قوات الاحتلال الإسرائيلية استهدافها الممنهج لوكالة “الأونروا”
- 17/11/2024 نائب أمير مكة يستقبل المندوب الدائم لتركيا لدى منظمة التعاون الإسلامي
أخبار > خطيب المسجد الحرام: وجود القدوةِ الحسنةِ في حياة المسلم ضرورةٌ حتمية
27/10/2017 6:16 م
خطيب المسجد الحرام: وجود القدوةِ الحسنةِ في حياة المسلم ضرورةٌ حتمية
منبر - مكة المكرمة :
منبر - مكة المكرمة :
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.mnbr.news/49884.html