ما من شك بأن التعليم من أبرز الأولويات في مختلف دول العالم ولدى أفراد تلك الدول، وقد سعت الحكومات جاهدةً من أجل توفير التعليم لشعوبها، من خلال المدارس الحكومية أو الأهلية على حد سواء، ولعل من نافلة القول أن التعليم من أهم العوامل المؤدية لتقدم الدول وتطور الشعوب على مر العصور، وعندما تقصّر الدول في ذلك فإنها ستجني نتائج ذلك الأمر السلبي في قريب الزمن وبعيده.
وقد تواصلت معي بعض الأسر التي لديها قضايا تتعلق بحرمان أطفالها من التعليم؛ لتقديم الاستشارة لهم، وبعد سؤال تلك الأسر عن أسباب حدوث ذلك؛ تبين لي أن هناك عدداً من الأمور التي تؤدي بالأسر لهذا الوضع المؤسف، ومن أبرزها اختلاف الوالدين، أو حالات الطلاق، أو مشاكل النسب، أو الزواج من أجنبية مخالفة لنظام الإقامة، أو العكس، وبالتالي تكون عملية استخراج الوثائق الرسمية التي تثبت هوية الأطفال أمراً بالغ الصعوبة.
وعندما هممت بكتابة مقالي حول هذا الموضوع، الذي وجدت أنه من واجبي كمواطن وككاتب صحفي أسعى للمشاركة في عملية التطوير وتقديم الحلول، تواصلت مع عدد من منسوبي التعليم للوقوف على حقيقة تلك الظاهرة، وإمكانية وجود حلول جذرية لها، وبعد التأكد من انتشار هذه الظاهرة ولو على نطاق ضيق؛ خرجت بمقترح يتضمن حلاً ربما يساهم في القضاء على هذه المشكلة، والخلاص من صداعها المتكرر.
والمقترح الذي سأقدمه في هذا المقال وأتمنى أن يصل إلى المسؤولين في وزارة التعليم، هو أن يتم تصميم منصة الكترونية خاصة بهذه الحالات التي لا تتوفر لدى أسرهم وثائق ثبوتية، مثل سجل الأسرة، أو شهادة الميلاد لأطفالهم، ويقدم لهم التعليم عن بعد، بشكل طبيعي وفي أوقات مرنة، وبأساليب حديثة؛ تضمن عدم حرمانهم من التعليم بسبب المشاكل الأسرية التي لا علاقة لهم بها، وتنهي حالة الضجيج التي تحدث في كل عام بين تلك الأسر والمدراس والجهات الحكومية الأخرى، كالأحوال المدنية والمستشفيات والجوازات، وحتى نضمن تطبيق هذا المقترح بشكل سليم، يفترض على كل أسرة تعاني من هذه المشكلة أن تحصل على خطاب من عمدة الحي مثلاً، أو من السفارة، أو المستشفى؛ كمتطلب لتسجيل أطفالهم في تلك المنصة التعليمية، على أن يمنح الأطفال شهادات تعليمية تثبت تلقيهم للتعليم عن طريق المنصة الرسمية التابعة لوزارة التعليم.
ولكن الأهم في هذا الموضوع هو أن يحصل الأطفال على التعليم الذي بذلت حكومتنا – أيدها الله – جهوداً كبيرة من أجل توفيره للمواطنين بشكل مجاني، ووجود مثل هذه الحالات في المجتمع السعودي لا يجب أن نقف متفرجين عليه، بل يجب أن نساهم في وضع الحلول وتقديم المقترحات لعلاج تلك المشاكل، وهو جزء من واجبنا كمواطنين أولاً، وككتّاب نشخص المشاكل ونضع الحلول لمعالجتها، وحتى لا يتم اللجوء من بعض ضعاف الأنفس للبحث عن حلول غير نظامية.
أتمنى في نهاية المقال أن يصل هذا المقترح إلى معالي وزير التعليم؛ وأن يتم النظر فيه ودراسة إمكانية تطبيقه، فالإمكانيات ولله الحمد متوفرة لدينا، وقد نجحنا من خلال منصة مدرستي أثناء جائحة كورونا، وقادتنا حريصون كل الحرص على تلافي حدوث المشاكل في قطاعاتنا الحكومية، وتقديم كل ما من شأنه راحة المواطن والمقيم على هذه الأرض الطيبة.