وادي بيشة وبيشة تردد اسمها في كتب التاريخ والجغرافيا، كما عرفت منذ العهد الجاهلي كأقدم المواطن التي استقر فيها الإنسان فهي بذلك تمثل أحد أبرز ملامح الحضارة العربية كما دلت كثافة النقوش والرسومات وجود منشآت عمرانية ومستوطنات بشرية كما أنها ملتقى لقوافل الحجاج القادمين من الجنوب فأصبحت من أهم المراكز الحضارية المعروفة .
فقد قال الكثير من علماء المسالك والرحالة: ” بيشة روضة بين مكة واليمن ، وقرية غناء ومن أوائل معادن نجد”، كما قالوا: “قرية عظيمة كثيرة الأهل في بطن الوادي ظاهرة الماء من عيون وآبار”، وقالوا: “بيشة بعطان وبيشة النخيل وبيشة بلاد النخيل والفسيل”.
وعن بيشة صدر كتاب بيشة في الشعر العربي للباحث عبدالرحمن بن فايز المقيطيف الجهمي، في 314 صفحة من القطع الكبير في طباعة جيدة ومعلومات موثقة بالمراجع والصور والفهرسة الشاملة، حيث ذكر أكثر من 27 شاعرًا من شعراء العصر الجاهلي حتى نهاية صدر الإسلام والذين ذكروا بيشة حيث ترجم المؤلف كل شاعر وقام بتخريج أبياته، وشرحها وأثبت مصادره كما اختتم لكل شاعر أبياتًا من جيد شعره، امثال امرئ القيس وعلقمة بن عبدة وسيف بن ذي يزن والسليك بن السلكة وطفيل الغنوي، والخنساء وتميم بن أبي مقبل العامري ولبيد بن ربيعة والقشيري وحميد بن ثور الهلالي وغيرهم .
كما أضاف المؤلف تعريفاً لبعض المواقع والأماكن والمعالم الواردة في شعرهم:
يقول امرؤ القيس:
كأثلٍ من الأعراض من دون بيشة
ودون الغمير عامرات لغضو را
ويقول سيف بن ذي يزن:
من كل أبيض في الحروب كأنه
أسد ببيشة شابك الأظفارِ
وقال علقمة؛
ففاءت كما فاءت من الأدمِ مغزلٌ
ببيشة ترعى في أراكٍ وحلَّبِ
وقال الهلالي:
غنى الحمامُ على أفنان غيطلةٍ
من سدر بيشة ملتفٌّ أعاليها
وقال رقيع الأسدي:
يجاوبها في الأيك من بطنِ بيشةٍ
على هدبِ الأفنان ورق نظائرُ
وذكر المقيطيف الأهمية التاريخية لبيشة ووقوعها على درب البخور ودرب أسعد الكامل، وعدد أسواقها مثل سوق العبلاء والذي يعد من أهم المراكز التجارية المهمة في فترة ماقبل الإسلام، وعدد أهم الأيام مثل يوم بيشة بين بني عامر وخثعم ويوم تناصف بين قضاعة وهوازن، وذكر المراكز الأقدم تاريخياً مثل صمخ والثنية والنقيع والبهيم وتبالة والجعبة والجنينة وغيرها، ومن جبال بيشة ثعدة ولبد والصايرة وكتمان ومسوَل وهيج وخشيم الذيب ورنوم وجمعور، ومن الأودية هرجاب وتبالة وترج .
كما اشتمل الكتاب على وثائق تاريخية لبعض رموز بيشة واختار صورًا متنوعة عن نقش قرب الرقيطاء وقصر الروشن ونخيل بيشة وسد هرجاب وسد مريسان وسد الملك فهد وسدرة هرجاب وأثل بيشة وسوق نمران الأثري وقصر المقيطيف بالمدراء وقلعة ابن شكيان بالرقيطاء، وتبالة الأثرية، ودينار إسلامي عباسي ضرب في بيشة سنة 337هـ في عهد المطيع لله ونقش الحصاصة
وصورة جبل الصايرة الأبيض وجبل عبران.
والحقيقة أن المؤلف قدم جانباً من جوانب الشعر العربي الأصيل، وكتب عن ديرته بنماذج ثقافية وأدبية ومرجعية متميزة .
واتبع منهجًا بحثيًا عبر المصادر والشعر وفسّر الكثير من الأبيات وشرح محتواها وبعض المواقع وعرّف بمن كتبوا عن بيشة أو قدموا له معلومات ومراجعات جغرافية .