عادة ما تكون قبلة المزارع العمودية التي تسعي لعمل ثورة في عالم الزراعة نحو السماء أو فوق سطح الأرض، لكن شركة ناشئة تدعى ”جرين فورجيس“ (GreenForges) ومديرها التنفيذي ”فيليب لابري“ كان لهم وجهة نظر أخرى تتمثل في الاتجاه إلى أعماق الأرض وتحديدا تحت المباني، وفق موقع ”تك كرانش“ المعني بشؤون التقنية.
وتأسست ”جرين فورجيس“ في 2019 وهي شركة للزراعة في أعماق الأرض وتحت المباني تحاول التغلب على التحديات التي تواجه تكنولوجيا الزراعة العمودية فوق الأسطح لا سيما فيما يتعلق بتكلفة الطاقة وتوفير المساحات.
ومنذ أن ظهرت الزراعة لأول مرة قبل 12 ألف عام ظلت عملا يغذيها الفضاء ويقيدها في الوقت نفسه، وحتى يومنا هذا لا يزال يتعين على المزارعين حرث أراضيهم بعد زراعتها – في عملية مدمرة للتربة- ليتمكنوا من زراعة محاصيل أخرى، وإلا فعليهم الحصول على أراض جديدة لزراعة المزيد من الغذاء وكسب المزيد من المال.
وحاولت الزراعة العمودية التقليدية حل تلك المشاكل ونقل المزارع إلى البيئات الحضرية وتكديس المحاصيل فوق بعضها البعض في أرفف وألواح كبيرة، لكن ظلت المستودعات أو الأسطح التي تزرع فيها لها حدود.
ولذا حاولت ”جرين فورجيس“ الاستفادة من المساحات غير المستغلة في أعماق الأرض وتوفير العديد من المزايا التنافسية لطريقتها في الزراعة، وتخطط الشركة بعد عامين من البحث والتطوير لتنفيذ أول مزرعة تحت الأرض شمال مونتريال في ربيع 2022.
سيستخدم نظام الزراعة في ”جرين فورجيس“ تقنية الزراعة الداخلية التي يتم التحكم فيها حاليًا (على غرار الزراعة العمودية التقليدية)، بأنظمة إضاءة LED والزراعة المائية (تنمو النباتات بلا تربة) والتحكم في الرطوبة ودرجة الحرارة، ولكن الشركة الناشئة ستستخدم ذلك وفق نهج جديد.
فبدلا من ضرورة توفير مستودعات ضخمة، ستقوم ”جرين فورجيس“ بحفر ثقوب بقطر 40 بوصة في الأرض أسفل المباني الجديدة وإنزال المعدات اللازمة للزراعة في تلك الحفرة.
وسيتم إجراء الصيانة والحصاد عن طريق سحب المحاصيل ميكانيكيًا إلى السطح حيث يمكن إصلاحها أو قطفها، وسوف يضع البرنامج التجريبي لـ“جرين فورجيس“ المزارع بعمق 15مترًا، فالشركة لديها خطط ونماذج للمزارع التي يصل عمقها إلى 30 مترا تحت سطح الأرض.
ويرى المدير التنفيذي لـ“جرين فورجيس“ أن نقل المزارع العمودية من فوق الأرض إلى أسفل يأتي بمجموعة من الفوائد الأخرى، بعضها يشكل أكبر عقبة كبرى أمام الزراعة العمودية التقليدية وهي تكاليف الطاقة.
وأوضح: ”بالنسبة للمزارع العمودية السطحية، فإنها تحتاج باستمرار إلى نظام تكييف لجعل درجة الحرارة الداخلية مناسبة للمزرعة لأن درجة الحرارة في الخارج تتغير باستمرار.
وذكر أن تكاليف الطاقة جعلت الزراعة العمودية أكثر تكلفة مقارنة بالزراعة التقليدية، وكان ذلك سببا رئيسيا في جعل العديد من المزارع العمودية تلتزم بزراعة الخضروات الورقية.
وفي هذا الصدد قال ”جميل مدانات“ مدير الهندسة في الشركة إن الزراعة في أعمال الأرض من شأنها أن تجعل محصولك محايدا بدرجة كبيرة لتقلبات المواسم، لأن درجات الحرارة في أي مكان في العالم تستقر تحت الأرض عند حدود معينة.
وأوضح ”مدانات“ أنه ”في ماليزيا على سبيل المثال تستقر درجة الحرارة عند 20 درجة مئوية بالوصول إلى عمق 10 أمتار، في كندا، تستقر عند 10 درجات بالوصول إلى عمق 5 أمتار، وذلك بغض النظر عن درجة الحرارة فوق سطح الأرض“.
وذكر ”لابري“ أن شركته لديها اهتمام بالشركات والفنادق ومطوري العقارات.
وأضاف أن ”دمج إنتاج الغذاء في المباني ليس سهلا كما يبدو، حيث عليك التضحية بمساحة تجارية أو شقة باهظة الثمن“، معقبا: ”وبالتالي فإن الحل الذي نقدمه يمكّنهم من تحقيق الدخل من مساحتهم تحت الأرض (أسفل المباني)“.