أكدت المملكة العربية السعودية أهمية سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي؛ كونها مرتكزًا وشرطًا أساسيًّا من أجل تحقيق الأمن والسلم الدوليين، وركيزة مهمة تكفل حماية حقوق الإنسان من أجل سيادة القانون وتحقيق العدالة والمساواة، وانطلاقًا من المسؤولية المشتركة للدول في مواجهة التحديات الداخلية والدولية.
جاء ذلك في كلمة المملكة أمام اللجنة السادسة المنعقدة لمناقشة البند “85” سيادة القانون على المستوى الوطني والدولي، وذلك ضمن أعمال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة السادسة والسبعون، ألقتها عضو وفد المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة المستشار نداء أبوعلي.
وأعربت عن ثقة وفد المملكة في اللجنة السادسة وأعضائها المنتخبين على إدارة أعمالها بكل اقتدار وفعالية، مؤكدة استعداد وفد المملكة تقديم الدعم فيما يصب في نجاح أعمال اللجنة.
وثمنت أبو علي، باسم المملكة، الجهود التي عكسها تقرير الأمين العام A/76/235 حول أنشطة الأمم المتحدة السنوية المتعلقة بسيادة القانون والتوجه في أن يعالج بطريقة متوازنة الأبعاد الوطنية والدولية لسيادة القانون، لا سيما في سياق تفشي جائحة الإصابة بفيروس الكوفيد-19 مما تسبب بالنقص في قدرات سيادة القانون وكان له أثر سلبي على وظائف الدول في مجال الحماية.
وأشارت إلى أن رؤية الأمين العام للأمم المتحدة، في التقرير الذي صدر مؤخرًا، تعكس اهتمامًا خاصًّا بسيادة القانون من خلال رؤيته لعالم متعدد الأطراف أكثر شمولًا وفعالية وترابطًا للأنظمة والمؤسسات التي تقدم الخدمات للناس، من أجل استعادة ثقة الجمهور؛ كون الثقة أساسية لإعادة تصور العقد الاجتماعي الذي ينشئ بدوره العلاقة التأسيسية بين الفرد والمجتمع والدولة.
وأفادت أن وفد المملكة ينوه بما أشار إليه التقرير؛ كون ضمان سيادة القانون ونظم العدالة التي تستجيب لاحتياجات الناس يظلّ أولوية مهمة لمنظمة الأمم المتحدة التي تقدم دعمًا مستمرًّا للدول الأعضاء في مجال بناء القدرات وفيما يصب في دعم الأمن ومنع الجريمة والحد من العنف المسلح، وبما يسعى نحو ضمان إقامة مؤسسات للعدالة والأمن بفعالية وشمولية للجميع وبما ينحو لمنع الفساد وتيسير وصول العدالة للجميع، ومعالجة الأسباب الجذرية لأوجه عدم المساواة الهيكلية والتهميش والتمييز.
وقالت: “إن سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي لا تأتي إلا من خلال وضع تدابير قوية قائمة على الحوكمة ومكافحة الفساد، والمساءلة المطبقة على جميع الأشخاص والكيانات، وهو النهج الذي تلتزم به المملكة من رفع لمستوى النزاهة والمساءلة انطلاقًا من إدراكها بالعواقب الوخيمة للفساد اقتصاديًّا واجتماعيًّا، ومن أجل تحقيق ركائز وأولويات رؤية المملكة 2030.
وأضافت: أن بلادي تعيش اليوم إصلاحات جوهرية في جميع مفاصل الدولة بتعامل حازم مع جرائم الفساد من خلال هيئة الرقابة ومكافحة الفساد “نزاهة”، وبتطوير مستمر للأنظمة والتشريعات للوقوف في وجه الفساد بجميع أشكاله بما فيها المالي والإداري ليس فقط من ناحية علاجية وإنما وقاية لسد الثغرات النظامية المؤدية إلى وقوع الفساد.
وشددت “أبو علي” على أهمية تضافر جهود المجتمع الدولي وضرورة التعاون الدولي المبني على المسؤولية المشتركة، مشيرة إلى أن مبادرة الرياض لإنشاء الشبكة العالمية لسلطات إنفاذ القانون المعنية بمكافحة الفساد والتي تم تدشينها في مقر الأمم المتحدة في فيينا في نهاية مايو 2021، تأتي كإحدى أبرز المبادرات في هذا الجانب.
ولفتت الانتباه إلى أن المملكة تولي اهتمامًا خاصًّا فيما يخص التحديات العابرة للحدود مثل التهديدات الإرهابية وضرورة تعزيز سيادة القانون في مجال منع الإرهاب ومكافحته، وهو ما تطرق إليه تقرير الأمين العام الأخير من ضرورة تنفيذ استراتيجيات شاملة فيما يتعلق بمحاكمة المقاتلين الأجانب ودعمها لإعادة تأهيل النساء اللاتي ارتبطن بالسابق بجماعات إرهابية متطرفة وإدماج الفئات المختلفة على النحو المطلوب.
واستعرضت جهود المملكة فيما يخص تسهيل قدوم أسر المقاتلين الأجانب من المواطنين من مناطق الصراع منذ عام 2012؛ حيث تم حتى الآن استعادة ما يقارب الألف مواطن من مناطق الصراع، وحرصت في الوقت ذاته على تقديم التسهيلات اللازمة لقدوم “160” أسرة من ذوي المواطنين الموجودين في مناطق الصراع والبالغ إجمالي عدد أفرادها “320” طفلًا و”130″ زوجة، وتقديم الرعاية المجتمعية لهم وتصحيح أوضاعهم الثبوتية ومعالجة أفكارهم المتطرفة “إن وجدت” من خلال إعادة تأهيلهم ومناصحتهم ودمجهم في المجتمع ليصبحوا عناصر فاعلة، ولا زالت جهود المملكة متواصلة بهذا الشأن لاستعادة ما تبقى من مواطنيها الموجودين في مناطق الصراع وتسهيل قدوم أسرهم.
وأكدت حرص المملكة على إرساء قواعد قانون راسخة منبثقة من مبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة الذي يصبو منذ تأسيس المنظمة نحو تحقيق الأمن والسلم الدوليين، مجددة التأكيد على دعم المملكة لسيادة القانون الذي يعزز من احترام القانون الدولي الإنساني لتحقيق الأفضل للإنسانية؛ حيث إن تحقيق سيادة القانون لا يتأتى إلا من خلال المشاركة الفعالة المتعددة الأطراف.
وأعربت عن تقدير المملكة للجهود التي تقوم بها اللجنة القانونية، مع التأكيد على ضرورة تقيد الجميع بسيادة القانون وتطبيقه وطنيًّا ودوليًّا على حد سواء؛ مما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار والعدالة للمجتمعات.