رغم الخمسين سنة كنت طفلًا يعتاد اللهو في فضاء رحب و عالم وردي، لا يبالي بما يصنع، يعطى دون أن يطلب، ويرعى دون أن يشعر حتى العقاب هناك من يحمله عني، ذلك أني أحتمي بهالة عظيمة من الحب والعناية تحيط بطفولتي من صغري حتى الخمسين، أمس كنت أحتمي بهالتي العظيمة إن اقترفت خطأ تلو الآخر، فأجد الغفران والرحمة.
كانت الهالة صوتي الذي لم أنطقه، وصمتي المتحدث، كانت ملاذي و منجاتي، كانت دوائي، كان حلمي بها طويلًا، وليالي بها مشرقة.
ما كنت أظن أننا سنفترق، كنت أتمنى أن أرحل وأنا مطوق بها، كنت.. و كنت.. حتى صاح الناعي أمس: “انقشعت هالتك ونسف الموت حصنك يا مولاي! هل م..ما..مات محمد أخي و حصني؟”، نعم، تقولها كل حقائق الكون و نواميسه، أسأل أبي وأمي فألقى الجواب: “نعم، يا أخا محمد.لقد رحل محمد الدكتور محمد”، يا إلهي! حتى أبي و أمي وهما والدانا نحن الاثنين لا يعلمان من ذا يعني محمد لي؟!
كان الهالة التي أخبرتكم عنها، كان الحصن الذي يحميني، والملجأ الذي يؤويني، محمد كان روحي التي تسكنني، أنى لي بروح بلا روح؟.
رحم الله أخي محمدا رحمة الأبرار، و أنزله الجنة خير دار، وأخلفني فيه الرجال الأخيار.
إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأبدلني خيرا.