في رحلة عبر درب الأنبياء المار بعسفان من جنوبها، حيث حرة ضجنان حتى شمالها حيث ثنية عسفان “غزال قديمًا” وعلى مسافة 40 كيلومترًا تقريبًا، تشرفت عسفان، اليوم الخميس، بزيارة عدد من أعضاء جروب “لمسة وفاء” من مكة المكرمة، وتعرف أكثر من 30 منهم على أبرز الأحداث التاريخية والمعالم الأثرية والمقومات التنموية، وكذلك المعالم الحضارية التي شهدتها عسفان في عهد دولتنا الفتية.
وكانت البداية من حرة ضجنان تلك الحرة التاريخية التي اقترن اسمها بمشروعية صلاة الخوف حين صلاها النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه في المنطقة الواقعة بينها وبين عسفان البلدة،
ثم تعرفوا على بئر محسن الأثرية وموقعها، ثم سوق النفع العام في عسفان والبالغة مساحته أكثر من مليون وثلاثمائة ألف متر مربع، وجرى تعريف الزائرين بوادي كراع الغميم التاريخي، وحددت لهم منطقة الغميم التاريخية، وذكر لهم بعض الأحداث بالغميم مثل مرور النبي صلى الله علية وسلم بها عند عودته من الحديبية، واجتماع الناس حوله وقراءته عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم لآية (إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا).
وذُكرت لهم غزوة عسفان، حين بعث المصطفى صلى الله عليه وسلم فرسان من ضمنهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه وصلوا الغميم لتخويف قريش، وكان لهم ما أرادوا، وجرى التطرق لمرور جيش تبع ملك اليمن واعتراض طريقه رياح شديدة بالغميم، وإيضاح تواجد أكثر من 200 فارس من جيش قريش سنة الحديبية، واجتماع النبي بأصحابه، وتغيير طريق سيره نحو اليمين نحو جبال الصغو “الخشاش”، حين قال لهم خذوا ذات اليمين حتى وصلوا الحديبية.
وزُود الزوار بمعلومة أن سن الإفطار في أثناء السفر كان في الغميم، وقيل في عسفان، وقيل في الكديد! وقيل في قديد وجميعها صحيحة، وفِي الغميم اعتذر نبينا الكريم لرجل أهداه حمارًا وحشيًا لأنهم كانوا متوجهين لأداء العمرة.
بعد ذلك اطلعوا على منطقة عسفان الصناعية التابعة لبلدية عسفان ودورها في تنمية عسفان وتطويرها، وبعد تجاوز الغميم جرى تعريفهم بقرى الشامية والمقيطع وبلماء الوطية الذي قال عنه المؤرخ عاتق بن غيث البلادي إنه هو ماء الرجيع. واتفق المؤرخون أنه ماء لهذيل يقع بين عسفان ومكة.
كم أُشير إلى سلسلة الجبال التي مر بها الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة هجرته، وهي في الجزء السفلي مِن عسفان جهة الغولاء، وكذلك موقع غدير الأشطاط التاريخي الذي ذكر أن الصحابي بريدة الأسلمي وثمانين من أصحابه أسلموا وصلى بهم الرسول صلوات الله وسلامه عليه بهم فيه، ليلة الهجرة، وحينها سئل أين تركت أهلك، قال في غدير الأشطاط. وهو الغدير الذي التقى عنده النبي بالعيون، وهو أيضًا الغدير الذي شربت منه 70 بدنة كانت مع المسلمين في أثناء توجههم نحو مكة سنة الحديبية.
كما جرى تعريف الزائرين بمسار درب الأنبياء وطرق القوافل التجارية بين الشام واليمن وبين مكة والمدينة وطريق البخور، ومن ثم تم تعريفهم بمنتزه حرة عسفان ومساحته وأهميته.
كما جرى تعريفهم بمكانة عسفان كونها ولاية في عهد الدولة الأموية تتبع المدينة المنورة، ولها عدة مناطق تتبعها مثل خيف النعم.
وتوقف الجميع عند مشاهدة القلعة، وزُودوا بمعلومات عنها ومتى ذكرت -578 هـ- ودورها ومكونات بنائها وقصة سجن الشاعر الفرزدق بها كما جرى تزويدهم بمعلومات عن وادي عسفان التاريخي الذي وقف عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم به وسأل أبي بكر الصديق أي واد هذا؟ حينها قال صلى الله عليه وسلم من هنا مر هود وإبراهيم وفِي رواية وصالح.
وجرى كذلك تعريف الزوار بالآبار التاريخية القديمة مثل بئر التفلة التي يقال أن المصطفى تفل فيها، وبئر عثمان التي يصل طالب الماء منها دون الحاجة لدلو لوجود درج من أعلى البئر حتى سطح الماء، وأُشير إلى أطلال سوق عسفان القديم لبيان أهميته وقيمته وما يؤديه من أدوار في سبيل تقديم الخدمات لمحتاجيها.
كم جرى التطرق للأسباب التي جعلت لعسفان أهمية استراتيجية وجعلتها بمثابة استراحة للأنبياء والرسل الذين مروا بعسفان، ويقال إن جميع الأنبياء الذين حجوا البيت مروا بعسفان وكذلك قوافل التجارة والحجيج، ولوجود سهل الصغو الزراعي والرعوي الذي يمتد من بلدة عسفان حتى مشارف مر الظهران بطول يزيد على 55 كيلومترًا وعرض يصل إلى 6 كيلومترات في بعض الأماكن، والذي يتحول إلى موطن حراك للمجتمعات الرعوية والزراعية، وقد تجلى ذلك في ما ذكره عشرات الشعراء من وصف لمناطق هذا الوادي.
كما جرى توضيح أبرز المعالم الطبيعية مثل حرة صويك وحرة موقلة وجبال الخشاش، وأثر ذلك في جعل عسفان الاستراحة الأمثل، ثم بيان أهمية ثنية عسفان كبوابة طبيعية في جبال الحجاز وهبها الله للإنسانية واتخذتها طرق التجارة والحجيج والرسل طريقًا لها ولا زالت من أهم المعابر بين مكة والمدينة.
وقد توقف أعضاء الجروب بثنية عسفان، والتقطوا صورًا تذكارية فيها، بعدها غادروا متجهين نحو محافظة خليص لزيارة معالمها الأثرية ومواقعها التاريخية، ابتداءً من غران ثم خليص ثم قديد ومنها الوادي الأزرق وماء الكديد وجبل جمدان وعين بن بزيع وحصن خليص وثنية لفت وخيمتا أم معبد وغيرها.
وشكر الزوار محمد بن سلطان المغربي رئيس تنمية خليص الاجتماعية على تنسيقه لهذه الزيارة، وحرصه على تمكينهم من التعرف على آثار عسفان ومعالمها التاريخية والطبيعية والحضارية.