كلما زاد عمر الإنسان، يصبح أكثر “أنانية”!
يقل المشاركون من حوله وينسحبون من محيطه وقد تجهّم لهم أو انحسر عنهم حدّ الغياب، ويبدأ في معايشة الأشياء ومناولتها منفردًا تمامًا، وكأنه يجهّز حقائبه للرحيل.
سواء كان ذلك بسبب ضعف شهيته لبناء علاقات جديدة، أو هو نتيجة طبيعية لزيادة العمر وقلة الحماس وانصراف الهم لتوفير ضرورات المعيشة، فإنه بكل الأحوال يصبح متحفظًا أكثر من أي وقت مضى.
كبار السن يتمحورون حول ذواتهم، يتكومون على مقتنياتهم وعلاقاتهم وعاداتهم وكأنها جزء من كيانهم الصغير الذي بدأ يتآكل ويتلاشى، وبهوس تحفظهم يعتقدون أنهم يستبقون منه أقصى ما يمكن استبقائه.
في العمر تحديات تتنحى عند زيادة السن، وربما أصبحت فيه المتعة أقل كمًا ولكنها أعمق كيفًا، وإذا وطّنت النفس على موازنة واجبات الحياة مع حقوقها، انعكس ذلك على عيشة طيبة رغيدة.
من السيء أن تبتلعك “ضرورات المعيشة” التي تعمل مثل مثلث برمودا يطوي تحته الذي كان يتقد بالإيجابية ويتألق بحضور اجتماعي مؤثر فخبت جذوته، فتلك الضرورات ليست كل شيء بمقياس الدنيا والآخرة، وهي أحيانًا مجرد استنزاف لا طائل منه، يزيد الأمر سخافةً عندما تتذكر أن الأرزاق مقسومة، فلا ينالك منها أكثر من المكتوب مع ضياع حقك من السعة والمتعة وراحة البال.