قال موقع “هافينغتون بوست ” الأمريكي أن ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يواجه مهمة شاقة مع بدء العمل في خطته لتحويل أكبر شركة لتصدير النفط في العالم لتكون صالحة إلى اقتصاد لم يعد معتمداً على النفط الخام.
ونقل الموقع عن مدير البحث الاقتصادي بمركز أبحاث الخليج، جون سفاكياناكيس قوله : “2017 هو عام الحقيقية.
وفيما يلي ستة تطورات مهمة تستحق المراقبة العام الجاري، بدءاً من التخطيط لما يمكن أن يكون أكبر طرح عام أولي في العالم، إلى زيادة الضرائب وحماية السعوديين من تأثير تقليل النفقات:
حماية الفقراء
حساب المواطن هو برنامج يهدف إلى التخفيف من آثار إجراءات التقشف على السعوديين من أصحاب الدخول المنخفضة والمتوسطة. سوف يبدأ البرنامج بـ20 إلى 25 مليار ريال سعودي (6.7 مليار دولار) من النفقات العالم الحالي، ليزيد وصولاً إلى 60 أو 70 مليار ريال بحلول عام 2020.
بدأ التسجيل في الأول من فبراير، وسجل فيه بالفعل أكثر من نصف السعوديين البالغ عددهم 20 مليوناً. وبدأت الصحف والشبكات الاجتماعية في مناقشة الارتباك المنتشر حول أهلية المستحقين لهذا الدعم، مع تخطيط الحكومة للبدء في الدفع أواخر هذا العام. هل ينبغي لسائقي أوبر الإبلاغ عن دخلهم الجانبي؟ هل يمكن للوزراء أيضاً التسجيل؟ ماذا عن لاعبي كرة القدم من المحترفين؟
يأتي هذا البرنامج في القلب من العقد الاجتماعي الضمني في السعودية، حيث كسبت العائلة المالكة الولاء المطلق لرعاياها مقابل نفقات كريمة من جانبها لأكثر من ثمانية عقود.
وقال المدير العام لشركة تينيو إنتيليجنس في لندن، كريسبن هاويس: “ينبغي أن نفترض أنه سوف تكون هناك أخطاء. فقط ينبغي التأكُّد من أنَّ هذه الأخطاء ليست جسيمة إلى حد التخفيف من عملية السلطة السياسية”.
وراجعت السعودية خبرات دول أخرى وطوَّرت خططاً “تهدف إلى أخذ الحيطة من الأخطاء المحتملة”، حسبما قال أحد كبار المسؤولين في مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في خطاب مكتوب إلى صحيفة بلومبرغ الأميركية، وأضاف أنَّ هذه الخطط مبنية على حسابات معقولة لضمان التغطية المناسبة.
وأضاف المصدر في خطابه: “في حالة لو وجدنا أنَّ البرنامج لم يغط الفئة المستحقة، فسوف نعدله وندفع لهم بأثر رجعي لتحقيق العدالة في التغطية والدعم”.
الضرائب
تخطِّط الحكومة أيضاً لفرض ضرائب جديدة في إطار سعيها لتحقيق التوازن في الميزانية. وسوف تفرض الحكومة، في شهر أبريل، على “المنتجات الضارة”، ما سوف يضاعف أسعار التبغ ومشروبات الطاقة، ويضع ضريبة بمقدار 50% على الصودا.
هذه الضرائب الجديدة هي بمثابة مقدمة لضريبة القيمة المضافة المخطَّط لها أن تبدأ عام 2018، بقيمة 5%، التي سوف يكون لها أثر أوسع على تكلفة المعيشة للمواطنين السعوديين. وتتوقع شركة جادوا إنفستمنت جو، ومقرها الرياض، ارتفاع التضخم حتى نهاية العام الجاري، إذ تتسارع وتيرة شراء السعوديين قبل فرض الضريبة الجديدة.
تخفيض الدعم
بدأت الحكومة برنامجاً يستمر لعدةِ سنوات للتخفيض التدريجي في الدعم على الوقود، والماء، والكهرباء، بعد إعلان مفاجئ في أواخر عام 2015، أدى إلى تدفق السعوديين إلى محطات البنزين لملء سياراتهم بالوقود.
وقال وزير الطاقة، خالد الفالح، في شهر ديسمبر، إنَّ الجولة الجديدة من التخفيض للدعم سوف تكون بنهاية العام الجاري. وقال: “النية معقودة على إجراء هذا التخفيض في أقرب وقت ممكن”.
الرسوم على دخول الأجانب
سوف تفرض الحكومة السعودية، بدءاً من شهر يوليو، رسماً شهرياً غير مسبوق على العمال الأجانب المقيمين مع عائلاتهم في المملكة. سوف تزداد هذه الضريبة شهرياً حتى تصل إلى 400 ريال شهرياً لكل فرد في الأسرة، بحلول عام 2020.
ومع أنَّ هذا الإجراء قد يحظى بشعبيةٍ ببين السكان المحليين -إذ تنتشر شعارات مثل “السعودية للسعوديين” على الشبكات الاجتماعية مع تباطؤ الاقتصاد- إلا أنَّ رد فعل القطاع الخاص عليه قد يشكِّل تحدياً أكبر للحكومة. وقال هاويس إنَّ الشركات التي يملكها سعوديون، بما في ذلك مجموعة بن لادن العاملة في مجال البناء “تعتمد بشكل ضخم على العمالة الأجنبية منخفضة التكلفة”.
المحفزات
سيكون من الصعب البدء في فرض الرسوم على الأجانب، بالإضافة إلى الإجراءات الأخرى، بطريقة “لا تخنق الاقتصاد”، بحسب سفاكياناكيس. إذ تباطأ النمو الاقتصادي ليصل إلى 1.1% بعد أن كان 3.4% في 2015، بحسب استطلاع الرأي الذي أجرته بلومبيرغ لاقتصاديين، وسوف يستمر هذا الانخفاض وصولاً إلى 0.9% العام الجاري.
وتستجيب الحكومة لذلك بخطةِ تحفيزٍ تُقدَّر بـ200 مليار ريال حتى عام 2020. وقال وزير التجارة، ماجد القصبي، في شهر ديسمبر، إنَّ المناطق المُستَهدَفة سيُعلَن عنها خلال ثلاثة أشهر.
وقال المصدر السعودي في خطابه إلى بلومبيرغ: “من المُتوقَّع أن تسبب الإصلاحات المالية بعض التباطؤ في النمو الاقتصادي. ومع ذلك، فالدولة تعمل على التخفيف من حدة هذا التباطؤ”، بزيادة الإنفاق الحكومي، وتسوية المدفوعات المتأخرة إلى المتعاقدين، والتخفيف من القيود على الصادرات، وتدابير أخرى.
وقال فهد ناظر، أحد المستشارين بالسفارة السعودية في واشنطن، الذي لا يتحدث نيابة عن الحكومة: “لا ينبغي أن يعتبر مستقبل النفط أمراً مفروغاً منه، لذا فهذه التدابير ضرورية. ربما يعتقد البعض أنَّ هذه التدابير تطبق بسرعة، لكن بكل صراحة، يرى البعض الآخر أنَّ تطبيق هذه التدابير ينبغي أن يتم بوتيرة أسرع”.
إدراج الشركة العملاقة
الكثير من العمل الأساسي الذي ينبغي له أن يتم تجهيزاً لإدراج 5% من أسهم الشركة السعودية العملاقة للنفط، أرامكو، والمُقدَّر له أن يتم عام 2018، ينبغي أن يحدث العام الجاري. هناك جدل مُحتدِم حول التقييم المُحتَمَل للسوق، ذلك أنَّ تحقيق اكتتاب مربح للشركة أمر بالغ الأهمية لإصلاح الاقتصاد، إذ يعد هذا الأمر أساسياً لصندوق الثروة السيادية المنوط به توليد ما يكفي من الدخل للهيمنة على عائدات الدولة بحلول عام 2030.
وبخصوص الضرائب وتخفيض الدعم، فإنَّ الاكتتاب يتضمن مخاطر سياسية محتملة، بدءاً من شراء الأجانب لحصة في أثمن مصادر الاقتصاد السعودي، إلى جعل الحالة المالية لأرامكو متاحة للجميع للمرة الأولى.
وقال هاويس: “إنَّ الاكتتاب ليس أكثر الأمور الواضحة التي ينبغي مناقشتها، وإنما المشروع برمته”. وسوف ينبغي على الحكومة أيضاً أن تقنع الناس “داخلياً” بأهمية هذا الطرح ابتداءً.
وقال المصدر الحكومي إنَّ الاكتتاب سوف ينظم “لتحقيق الاستفادة الاقتصادية القصوى للمملكة. ولن تتخلى السعودية عن أغلبية ملكيتها لأرامكو، ولن تترك التحكم في الشركة”.
وقال المصدر عن قائمة مهام الأمير محمد بن سلمان إنها “طموحة لكنها غير محالة”.