من يتمعن في كل ما حوله بعين البصيرة ، دون أن يسلط مشرط النقد على خلق الله الأحياء منهم والأموات ، يقول أرى مالاترون ، أرى أُمّاً تتحمل مسؤولية أبنائها دون أبيهم ، أرى ابناً يفضل زوجته على أمه ، أرى أناساً يمجدون صاحب المال على الفقير المسكين ، يجعلون لهم مكاناً في صدر كل مجلس ، وكلامهم وحده هو المؤنس ، أرى سليط اللسان يتحاشاه الناس ولايمسونه بسوء خوفاً من نار نقمته وسطوة لسانه ، بل يزيحون ثورة غضبهم وجحيم انتقامهم ليقع على ذلك الخلوق الإنسان الحليم ، الذي لايبرأ مكان التقدير وأسوار الاحترام … إني أرى مالاترون .
إني أرى زكاة تصرف لغير مستحقيها يدخل في صرفها المحسوبية المزاجية الأحباب أهل لها فقط ، أما غيرهم فلا وألف لا …. إني أرى ما لا ترون.
رأيت المجسمات في المراكز والمولات الكبرى تُلَبَّس بأرقى الملابس ذات الماركات المشهورة ، بينما هناك أطفال عراة لايجيدون ما يسترون به أجسادهم البريئة الطاهرة ؛ لتقيهم البرد القارس أيام الشتاء، وتقيهم لهيب حرارة شمس الصيف الحارقة… إني أرى ما لا ترون .
عندما تزل قدما طفل يتيم أو فقير معدم سقيم أرض مول عظيم وهو يرتدي ملابس ممزقة ، بل أحيانا يكون شبه عارٍ يرى على مد بصره أشباحاً مرتدية أجمل وأبهى الثياب لشركات عالمية مشهورة .. حينها يقف وقفة تعجب وينظر إليها بألم وحسرة وازدراء ، ويقول في نفسه يا ترى من الحي فينا …. ؟!!