قام أكثر من 32 كشافًا من فريق كشافة مكة المكرمة يوم الخميس الماضي بزيارة ميدانية لعسفان -80 كيلومترًا شمال غرب مكة-.
وتأتي هذه الجولة بهدف التعرف على المواقع المرتبطة بالسيرة النبوية والتتريخ الإسلامي في عسفان، والوقوف على المعالم الأثرية القديمة التي تزخر بها، وما تشهده عسفان خاصة وطرق الحجيج عامة من تقدم وتطور وأمن وأمان في عهد دولتنا السعودية الفتية.
واستغرقت الجولة حوالي أربع ساعات، وتعرفوا خلالها على مسار درب الأنبياء، وحرة ضجنان، وكراع الغميم، والماء الذي يتوقع أنه ماء الرجيع، حيث حادثة قتل عاصم بن ثابت وعدد من رفاقه، وغدير الأشطاط حيث لقاء المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بالعيون سنة الحديبية، والموقع الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الخوف، واتجاه الطريق الذي سلكوه تفاديًا للتصادم مع جيش المشركين وهم في طريقهم لمكة سنة الحديبية، وكذلك منطقة الغميم التي وصل إليها الفرسان الذين بعثهم سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم في غزوة عسفان.
بعد ذلك، شهدت الجولة التعرف على المعالم الأثرية الموجودة في عسفان مثل قلعة عسفان الأثرية التي ذكرها الرحالة “ابن جبير” سنة 579هـ، و اطلع الفريق على مشتملات القلعة، ودخل العديد منهم سردابها، وتعرفوا على بعض استخداماتها مثل المراقبة والإدارة والإشراف على طرق قوافل الحج والتجارة والتخزين والسجن حين كانت عسفان ولاية تابعة للمدينة في العهد الأموي والعباسي.
كما وقف الزوار على جانب التل، وشاهدوا نقطة التقاء سيول وادي عسفان التاريخي الذي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم مرور الأنبياء نوح وهود وصالح به، كما استنتج الزائرون سبب تسمية عسفان بهذا الاسم.
وتوجه الجميع للمنطقة التاريخية في عسفان حيث الساحة التي يستريح فيها الأنبياء والرسل والحجاج والمسافرين والتجار وأماكن مناخ إبلهم وركابهم. كما وقفوا على بعض الآبار التأريخية الشهيرة على درب الأنبياء مثل بئر التفلة وبئر عثمان “أم الدرج” مصادر الشرب، والتزود بالمياه العذبة.
وشهدت الجولة الوقوف على أطلال سوق عسفان القديم ومبانيه العتيقة والقائم من العصر الجاهلي وكانت تباع فيه بعض البضائع القادمة من مصر والشام، وظل هذا السوق حتى يومنا هذا وهو يوفر كل احتياجات ومتطلبات الحياة الحديثة بالجملة والقطاعي.
وتبين للجميع أن عسفان بالفعل استراحة ومركز لتقديم الخدمات لكل العابرين ىأرضها والمارين بها، ثم أديت صلاة الجمعة في مسجد عمر بن الخطاب في عسفان والذي يعد تحفة معمارية لاقت عناية خاصة واهتمام بالغ من القائمين على المسجد.
بعد ذلك استُئنفت الرحلة إلى ثنية عسفان “ثنية غزال” الممر الطبيعي بين حرة عسفان الشمالية “صويك” وحرة موقلة والبوابة التي تعبر معها قوافل التجارة والحجيج والجيوش مثل جيش تبع وغيره،
وقام الفريق بزيارة أحد المعالم الحضارية في عسفان وهو المركز الحضاري الذي استراح فيه الفريق، وأعجب بمرافقه ومنه وقفوا على مسرح عسفان المكشوف والمبني على غرار المسارح الرومانية.
واطلع الجميع على الساحة الشعبية، وملعب كرة القدم الذي يستوعب أكثر من 3500 متفرج، واحتضن شباب خمس محافظات بالعديد من الأنشطة الرياضية والمهرجانات
واختتمت الجولة بالصعود إلى منتزه عسفان في أعلى الحرة.
القائد الكشفي عبدالله حمدان الشهري عضو المجلس الاستشاري لكشافة شباب مكة المكرمة في جمعية مراكز الأحياء أبدى دهشته وإعجابه بثراء عسفان التاريخي والأثري، واستاء من عدم وجود مداخل ولوحات إرشادية توضح للمارين بالطريق بين مكة والمدينة أن المكان الذين يمرون به هو عسفان.
وناشد الشهري المسؤولين بالجهات المعنية إعطاء هذا الجانب أولوية، وطالب بوضع لوحات تشتمل على معلومات ثابتة عند كل معلم أثري وتاريخي ليزود الزائر بالمعلومات الصحيحة، كما طالب بتحسينات حول مداخل القلعة وبقية المعالم الأثرية.
كما أبدى القائد الكشفي خالد خليفة مدني مساعد قائد فريق كشافة شباب مكة المكرمة بجمعية مراكز الأحياء بمكة إعجابه بما تزخر به عسفان من أحداث ومواقع تاريخية لها علاقة بسيرة المصطفى وتاريخ المسلمين وكذلك تعدد الآثار وتنوعها.
كما أشار إلى موقع عسفان الاستراتيجي وغناه بعوامل الجذب السياحي التاريخية والأثرية والطبيعية، وأشاد بالمظاهر الحضارية مثل المركز الحضاري، وملعب كرة القدم، والمسرح، وموقع المنتزه، وطيب هواه، وجمال طبيعته، وأجواءه رغم عدم تهيئتها للزوار.
وتوجه القائد الكشفي لطفي نافع البشري بالشكر للباحث التاريخي المهتم بشؤون عسفان محمد الحربي على الجولة الممتعة بين الآثار التاريخية الموجودة في مركز عسفان التي استهدفت قادة وجوالة شباب مكة وشهدت تصحيح بعض المعلومات الخاطئة والدارجة بين الناس.
وأوضح مشرف الرحلة عثمان خليفة مدني أن هذه الجولة تهدف إلى تنمية قدرات المشاركين، وصقل مواهبهم، وتعريفهم بجانب من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم المرتبطة بعسفان من مواقع أحداث تاريخية وغزوات، علاوة على مشاهدة المعالم الأثرية التي تجسد صورًا للحياة في الماضي، وما كان يكابده المسافر بين مكة والمدينة من مشاق، وما تشهده عسفان بالعهد السعودي الزاهر من معالم النهضة الحضارية والرياضية، كما أن مثل هذه الرحلات فرصة لبناء علاقات اجتماعية وتطوعية ومجال لتحقيق وتعزيز كل ما يسهم في بناء شخصيات المشاركين البناء الذي يؤهلهم للتعتماد على أنفسهم وخدمة الآخرين وإسعادهم.
وأثنى على خط سير الرحلة وثراءه، وشكر كل من أسهم في نجاح الجولة ومنهم محمد إبراهيم الحربي وعلي حسن البشري بمرافقته وتغطيته المتميزة والقائد الكشفي لطفي نافع البشري بمشاركته واستقباله وتحفيزه وتشجيعه، وقدم شكره لجميع أهالي عسفان والمسؤولين فيها.