يقع وادي الشغز جنوب وادي ناوان وشمال الشعيرة ذلك الوادي الذي مر منه المسافرون والركبان والشعراء والفرسان وقصده الباحثون عن الكلاء والمتذوقين لحب الطبيعة في فصل الربيع، وسكنه البدو البسطاء أصحاب الماشية من كل حدب وصوب من أجل رعي بهائمهم وإبلهم.
يُعد هذا الوادي من الأماكن الأصلح والأنسب لتربية الماشية ورعايتها وذلك لتوفر عدة مميزات منها : سعة الوادي وخلوه من النشاطات البشرية مما يمكنها من الرعي بحرية تامة دون قيود أو حدود، وخلوه من الطين والأوحال والحشرات الناقلة للأمراض مما جعل منه ميزه عن غيره.
واعتز أهل ناوان وافتخروا به وأحبه ابن محفوظ، هذا الوادي الخصب بأشجار السلم، والسمر، والصرح، والسدر، والتنضب، والمّر، وغيرها من الأشجار الشوكية.
وأما في فصل الربيع فتتزين الأرض بحلة خضراء واسعة تنتشر في كل أجزاء الوادي حيث تنمو النباتات والأشجار وتتفتح الأزهار والورود مما يجعل الطبيعة كأنها لوحة جميلة من الألوان المبهجة التي تبعث في النفس الراحة والطمأنينة والسعادة، وأما بعد سيله فتنبت الحشائش المختلفة وتزهر النباتات العطريه كالسكب ، والريحان ، والذيمران ، والزهور العطرية وأشجار الجنع ذو الثمرة المعسولة والرائحة الزكية، والغلف محبوب العجايز وإيدام زمانه.
وهناك بعض الأسماء المعروفة شرق وادي الشغر وهي جزء من الوادي مثل : شعب أبو ذيمران واشتهر هذا الشعب بنبتة الذيمران وهي ذات رائحة عطرية منعشة كالريحان، وشعب أبو شقب، وهذا شعب له فروع وهو من شمال الوادي وشعبي المسبعة وهما لهما فروع كثيرة وتشتهر بكثرة أشجار الصرح وتسيل في الوادي من جهة الشمال وغيرها من الشعاب التي تسيل في وادي الشغز ومن جهة الغرب يتسع الوادي يحث يلتقي معه وادي أبو سدرو بجوار مضارب عثمان وفِي وسط الوادي بئر ابن محفوظ.
هناك بعض الأماكن عرفها محبي الشغز والركبان والرعاة مثل فضايا طراش وهي عبارة عن حفر صغيرة فيها ماء يشرب منها الرعاة ، خوط الراكة يقع وسط الوادي بين شجرتين من الأراك، فضايا جحرية، وقد اشتهر هذا المكان بوفرة المياة السطحية حيث يقوم الرعاة بحفر بعض الحفر الصغيرة التي يستقي منها الرعاة، ردم هزاع ويقع شمال الوادي كل هذه الأماكن شرق وادي الشغز
كل هذه الأماكن لازالت عالقة بالذكريات ولا أدري هل التجارب الحياتية والمشاهدات اليومية فقدت نكهتها مقارنة بتلك التي كنا نعيشها في الماضي، أم أن ذلك يأتي في إطار الظنون والانسياق حول المقولة التي تقول بأن الماضي أجمل وأحلى وأكثر سعادة.
في أحيان كثيرة تأخذنا الذكريات إلى مواكب من السرور وقوافل الابتهاج بل أن الكثيرين حين يتحدثون عن أيامهم في الماضي تأخذهم نشوة الحديث في الاستطراد لتفاصيل صغيرة، وأطلال الطفولة والرعي والمذاكرة في المرحلة المتوسطة والجامعية وحفظ المعلقات السبع طرفة بن العبد، والأعشى، وامرؤ القيس، وزهير بن أبي سلمى، وعمرو بن كلثوم وغيرها، وصيد الرجاف في فصل الربيع ، وصيد الكروان في فصل الشتاء.
الأماكن القديمة، قصص بلا لسان، أناس سكنوا الشغز رحلوا ولم يتركوا لنا سوى بقايا ماضي، عطر لا ينسى، صوت نتمناه، شعاب موحشه لكن فيها طمأنينة وحضن نفتقده، حب يكبر ويقتل، صور صامتة، بأشكال الأشجار الناظرة، شوق لا يبرد، دموع لا تجف، ألم لا ينتهي، منازل تحت الأشجار خاليه مليئة بالذكريات، كل ذلك في وادي الشغز .. فماذا بقي يا وادي الشغز؟