شئنا أم أبينا فالمعلم هو رمانة الميزان في المجتمع مهما تعالت أصوات المشككين، ومهما انتشرت حملات الحاقدين، يبقى المعلم هو الرهان على خروج الأمة من أزمتها، لا ترهبه أو تفت في عضده حملات التشنيع المادي أو المعنوي التي حاولت النيل منه ومن معنوياته.
وتتبلور أهمية المعلم القدوة في تعامله مع طلابٍ في مراحل النمو والتكوين، ينقصهم الخبرة والمعرفة، وتغيب عنهم وسائل الدراية بما يدور حولهم من أفكار مخلوطة بسموم غربية تُبث إليهم عن طريق الإعلام الحديث ووسائل التواصل الاجتماعي، فذابت فضائلهم الفطرية التي فطرهم الله عليها في حرارة الأفكار الزاحفة كما تذوب كتل الجليد فوق ألسنة اللهب.
فالمعلم القدوة يملك من الإمكانيات ووسائل التأثير في سلوك طلابه ما لا تستطيع الوسائل والمرافق والتجهيزات الحديثة أن تحققه، هذا هو المعلم القدوة سبيل النهوض بالأمة.
وأقول قدوة لأن من سنن الله في خلقه أن الإنسان يقتدي ويتبع ويتعلم ممن سبقه خاصة ممن يكن لهم الاحترام والتقدير، فإن غاب عن المعلم شعوره بصفة القدوة الحسنة هوى بطلابه إلى ظلمات الجهل والضلال.
وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن القدوة الحسنة هي أرقى الأساليب التربوية التي تؤثر بشكل فاعل في تكوين اتجاهات الطلاب الشخصية والفكرية وتحديد أنماط سلوكهم.
وأؤكد على أن التربية السليمة تستمد قوتها من حسن القدوة، فالمعلم يعد سندًا في صلاحها ويحدث العكس إذا ساءت القدوة وفسدت، وقد يكون سلوكًا اقتدائيًا واحدًا من المعلم يكفي الطالب كجرعة له مدى الحياة، والمعلم الناجح هو الذي يستطيع أن يمنح هذه الجرعة لطلابه.
والطالب مهما كانت استعداداته للخير عظيمة ومهما كانت فطرته سليمة فإنه لا يمكن له أن يحقق هذا الخير، ولا يمكن أن تنمو تلكم الفطرة السليمة إلا إذا وجد قدوة ومعلمًا في ذروة الأخلاق وقمة القيم والمثل العليا.
وأخيرًا لابد أن نؤمن بأن التعليم الأمثل يتوقف على معلم أمثل.