كان مساء يوم أمس الإثنين معطرًا بشذى أصيل البيان، بمشاركة شاعرين من الباحة وجازان، وقد استهل مدير الأمسية الشاعر عبدالله آل جازان الأمسية بقوله: “من جبال الباحة الشماء، وزهورها وأجوائها، ومن ساحل جازان وسهوله وعطره، يلتقي ركب الثقافة والشعر، والأدب على بطاح مكة المكرمة، في ناديها الثقافي الأدبي، ليستمتع ذواقة الشعر الجميل بباقة مختارة من قصائد الشاعرين حسن محمد الزهراني وحسن محمد طواشي”.
وتابع: “ولأن الشعر موهبة وطبع لا علاقة له بتخصص الشاعر وعمله، فنحن الليلة بين جغرافي وصيدلي، جغرافي خبر الشعر، وسار بين معالمه ومجاهله، وبين بحوره وساحله، غاص في لجته، وجاء بدره وجوهره هو المربي القدير والشاعر الكبير حسن محمد حسن الزهراني، وبين صيدلاني خبير بالتراكيب الطبية، والمحاليل الدوائية، جمع الأحرف والكلمات والصور والخيالات، وأدخلها مختبر الذوق والفكر، فأنتج منها أعذب منظومات الشعر وهو شاعر عكاظ لعام 2015م، الأديب الشاب حسن محمد طواشي.
وقد استغرقت الأمسية ثلاث جولات قدم فيها الشاعران قصائد تناولت جوانب وطنية واجتماعية وإنسانية ووجدانية، وكانت البداية مع حسن الزهراني الذي جاء قلبه إلى أهل مكة هائمًا، كما في فاتحته الشعرية الأولى، ومن مشاركاته قصيدة “في النساء” يقول فيها:
لا يسوس الرجال غير النساء
فهن خلف الرعاع والعظماء
النساء .. النساء .. ياويح قلبي
من حنان .. من رقة .. من دهاء
وتنوعت مشاركة الشاعر الشاب حسن طواشي بين قصائد ومقطعات كان منها قصيدة “تعري”، ومشهد من ثورة الكرامة يقول فيه:
اشتم رائحة السلام
من خلف هاتيك التلال
وأرى بانية النظام
تغور في صمت الرمال
هل داهم الموت الظلام
أم أنه هجس الخيال
وكانت آخر مشاركاته قصيدة “إلى روح الملك فيصل -رحمه الله-“.
أما المحطة الأخيرة من الأمسية فقد خصصت للتعقيبات، والمداخلات، والإجابات، حيث فتحت مديرة الأمسية في الصالة النسائية الأستاذة مريم الزهراني المجال لعدد من الحاضرات بالتعقيب وكانت منهن الدكتورة مشاعل العتيبي، وشروق الحازمي، وبشاير بخاري، في حين جاء التعقيب الرئيس للدكتور محمد مريسي الحارثي، الذي أبدى إعجابه بالأمسية، مؤكدًا أن الشعر شيء تجيش به صدور الشعراء، فيعبرون به على ألسنتهم، وأن المعجم الشعري، معجم واحد يشترك فيه الشعراء، ويختلفون في قدرتهم على استثماره.
أما الدكتور عبدالعزيز الطلحي فوصف الأمسية بالرائعة وأبدى ملاحظاته حول الآية الكريم (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ)، وفي رد الشاعر حسن الزهراني أوضح أن الشعر فضاء إبداعي نابع من روح ونبض الإنسان، ويعبر عن آلامه وآماله ورسالته المدافعة عن الإنسان وقضاياه بطريقة سامية.