واصلت المملكة العربية السعودية ريادتها الإنسانية العالمية بوضع بصمتها هذه المرة في المستشفيات الفرنسية من خلال مشاركة أكثر من 280 طبيبًا سعوديًا من برامج المنح الدراسية التي تدعمها حكومة خادم الحرمين الشريفين جنبًا إلى جنب مع زملائهم الفرنسيين لمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد.
وأكد الملحق الثقافي بسفارة خادم الحرمين الشريفين في فرنسا وسويسرا الدكتور عبدالله بن فهد الثنيان أن هذا المشهد الإنساني ليس بغريب على أبناء وبنات المملكة، وقال: “هذه المبادرة ستكون حاسمة في تطوير حياتهم المهنية، ورفع جاهزيتهم للعمل الفعّال بتفانٍ لمواجهة الأزمات بمختلف أنواعها إلى جانب تدربهم في أكثر من 36 تخصصًا في مجالات الطب التي منها طب الطوارئ والأوبئة”.
وأشاد في تصريح صحفي لوكالة الأنباء السعودية بموقف الأطباء السعوديين التي تعكس أروع صور التضامن في هذا الوقت العصيب من انتشار الفايروس الخطير، لافتًا النظر إلى أن هذه المبادرة ليست فردية أو نخبوية من أبناء المملكة الأطباء بل تعكس قِيَم وأخلاقيات ومبادئ المجتمع الإسلامي العربي السعودي التي تؤكد أن هذه البلاد المباركة هي مملكة الإنسانية.
ولفت النظر إلى أن الأطباء السعوديين الـ280 مؤهلون تأهيلاً عاليًا، ويملكون قدرات تمكّنهم من تخطي العقبات والأزمات نظير ما يتميزون به من كفاءة وقدرة على العمل الجاد والمستمر من أجل حماية الإنسان، مبينا أن هناك ما يقارب من الـ20 طبيبًا سعوديًا يعملون في الاتحاد السويسري، إضافة إلى الأطباء السعوديين الذي يعملون كذلك في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا، وجميعهم يعملون بجد وإخلاص لمكافحة وباء فيروس كورونا الذي اجتاح العالم.
وأوضح الدكتور عبدالله الثنيان أن الملحقية على اتصالٍ دائم بالأطباء للاطمئنان عليهم، مبينًا أن هناك اجتماعات تُعقد ما بين الملحقية والجهات الفرنسية المعنية بالبرنامج المشترك للدارسات الطبية بين وزارتي الصحة والتعليم الفرنسيتين، ومع لجنة المتابعة السعودية الفرنسية لمناقشة أوضاعهم وسبل دعمهم وتوفير الحماية لهم، مؤكدًا أن الملحقية تسخّر جهودها كافة لمتابعة الطلاب السعوديين الدارسين في فرنسا بشكل مستمر، وقامت بفتح خطوط اتصال مباشرة، وشكلت خلية أزمة تعمل على مدار الـ24 ساعة لمساندتهم ومساعدتهم سواء على مستوى الدراسة أو المعيشة أو طرق الوقاية والحماية من الفيروس، مشيرًا إلى أن هناك متابعة يومية ومستمرة للاطلاع على أوضاع وأحوال الطلاب السعوديين ومتابعة دراساتهم.
من جهته أكد جراح المخ والأعصاب المشارك في مستشفى مدينة كوليمار الفرنسية هاني بن طلال الجهني أن الطبيب السعودي إضافةٌ إلى أي منشأة صحية يضع قدمه فيها، وأن الأطباء السعوديين كما عُرف عنهم دائما هم في الصفوف الأمامية، مشيدًا بالتواصل الدائم للملحقية والملحق بهم منذ بداية الأزمة.
وبيَّن في تصريح مماثل لـ”واس” أن الفريق الطبي السعودي أصبح يجري عمليات طارئة سواءً النزيف أو الأورام الدماغية أو كسور الفقرات ومنها للمصابين بفيروس covid-19، وذلك بعد إيقاف جميع العمليات المبرمجة بسبب تفشي فيروس كورونا في منطقة الغراند إيست التي تتبع لها مدينة كوليمار.
وتابع قائلًا: “من منطلق التعاليم الإسلامية وثقافة وتربية الشعب السعودي فضلنا البقاء وعدم ترك الأماكن فارغة وأصبحنا جزءا لا يتجزأ من أركان المنظومة الصحية في فرنسا، ونحن موجودون هنا بصفتنا سعوديين لترك بصمة وسيرة عطرة عن هذا الشعب الكريم المعطاء وحكومته الرشيدة السخية”، مؤكدًا أن الأصداء كبيرة جدًا لهذه المشاركة الإنسانية وأثمرت عن الكثير من التقدير والاحترام.
بدوره أوضح المبتعث لدراسة البورد الفرنسي وطب الإنجاب في مستشفى مدينة كليرمونت فيراند الجامعي الطبيب فراس سمير سندي أن الطبيب السعودي يعمل بنفس مناوبات وامتيازات الطبيب الفرنسي، وأنهم في الصف الأول لخدمة المرضى والكشف عليهم، ويتمتع الطبيب السعودي بالخبرة الكبيرة.
وقال: “إنه من واجب الطبيب وحسن الأخلاق الطبية والأصول المهنية معالجة المرضى، وهذا جزء من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، وجزء من رد الجميل في هذه الظروف الصعبة كوننا سفراء الطب للمملكة العربية السعودية في فرنسا”.
وأضاف: “وقوفنا إلى جانب المريض الفرنسي يعكس قوة التلاحم الإنساني في هذا الظرف الخاص، والمرضى الفرنسيون والكوادر الطبية مندهشون من وجودنا معهم في هذه الأيام العصيبة وعدم رجوعنا إلى المملكة، وفي هذه الظروف تبرز مدى الإنسانية والمسؤولية التي يتمتع بها الطبيب السعودي في فرنسا وجميع دول العالم، نعم نحن أبناء المملكة رائدة العمل الإنساني”.
وبيَّن أن الدور الذي يقوم به يتمثل بالتعامل مع المرضى بدءًا بالتعاطي مع التاريخ المرضي للمرضى والعلامات الحيوية من ارتفاع درجة الحرارة وفحص المرضى إكلينيكيًا وأخذ المسحات اللازمة، انتهاءً بإجراء التحاليل المخبرية بمساعدة الكادر الطبي، مع أخذ جميع الاحتياطات اللازمة حسب الأصول العلمية، ووضع المرضى المشتبه بهم بغرف خاصة حرصًا على سلامة الجميع.
ونوَّه بالإجراءات الصحية التي قامت بها الحكومة الرشيدة في المملكة لمكافحة انتشار فيروس كورونا، لافتًا النظر إلى أن الكثير من الكوادر الطبية بفرنسا متابعون لهذه الإجراءات كون المملكة تعد رائدة في مكافحة العدوى لما تتمتع به من الخبرات مع حجاج بيت الله الحرام وطب الحشود.
وأشار إلى أن القرار الذي اتخذته المملكة تجاه دعم المواطنين السعوديين في القطاع الخاص لقي صدى إعلاميًا كبيرًا في فرنسا، معربَا عن شكره وتقديره لمسنوبي سفارة المملكة العربية السعودية لدى فرنسا على اهتمامهم واطمئنانهم المستمرين، وتواصلهم الدائم مع الطلاب والأطباء لتقديم الدعم اللازم لهم.
في حين أوضح المبتعث من قبل جامعة الملك سعود والأخصائي في قسم جراحة النساء الولادة وأمراض العقم وصعوبة الإنجاب في مستشفى كوشان بالعاصمة الفرنسية الطبيب عاصم بن فهد الوهيبي أنه على الرغم من بعده عن تخصص الأمراض المعدية أو العناية المركزة إلا أنه في هذه الفترة يقدم العون لزملائه الفرنسيين بحكم دراسته في فرنسا وإتقانه للغة الفرنسية وسهولة الاتصال مع زملائه في الكادر الطبي، مبينًا أن هذه المساعدات اختيارية وليست إجبارية.
وقال: “لم يقبل ضميري أن أقف مكتوف الأيدي، فمنذ رأيت أن هناك حاجة للمساعدة كنت من المبادرين بذلك، وبحكم عملي كطبيب ومن باب المسؤولية الطبية وحاجة المرضى -بغض النظر عن العرق والجنس- قررت المشاركة في مكافحة هذا الوباء سريع الانتشار، إضافة إلى عملي اليومي في مجال العقم وعدة مجالات مع أخذ كامل احتياطاتي بمساعدة زملائي في كادر التخدير والعمليات الجراحية في مجال الأورام التي تحتاج إلى تدخلات جراحية طارئة، إضافةً إلى مساعدة الكادر التمريضي، إلى جانب العمل الإداري وعمل العيادات عن طريق الاتصال بالمرضى”.
وأكد أنه وجد من زملائه الفرنسين الشكر والامتنان على تلك المبادرة الإنسانية وقال: “في هذه الفترة الحرجة يتوجب على جميع الكوادر الطبية الاتحاد للقيام بهذا العمل الإنساني، وما زادني بهجة وسرورا هو وقوف الملحقية الثقافية السعودية في باريس حيث كانوا خير عونٍ لنا من خلال تشجيعنا في هذه الفترة الحرجة”.