كشفت صحيفة “واشنطن بوست”، أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، صار يرتاب أكثر فأكثر من مساعديه وموظفيه بالبيت الأبيض، بعدما شعر بتعرضه للغدر في قضية المكالمة الشهيرة مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وبعدما جرى اتهام ترامب بالضغط على نظيره الأوكراني، حتى يفتح البلد الأوروبي تحقيقا بشأن نجل المرشح الديمقراطي المحتمل للرئاسة الأميركية، جو بايدن، شعر ترامب بعدم الثقة لأن موظفين كثيرين يطلعون على المكالمات التي يجريها مع زعماء الدول الأجنبية.
وقال ترامب، في مقابلة إذاعية مع الصحفي جيرالدو ريفاردو: “حين تتصل بزعيم أجنبي، ثمة أناس يستمعون”، ولوح بأنه قد يضع حدا لهذه الممارسة بشكل كامل.
وسبق لترامب أن أبدى شكوكه في موظفين كبار بالبيت الأبيض، لكنه صار يعبر عن عدم الثقة بشكل متزايد منذ تبرئته من قضية العزل داخل مجلس الشيوخ.
وكتبت “واشنطن بوست” أن هذه الشكوك تطورت على نحو ملحوظ لدى ترامب حتى تحولت إلى ما يعرف بـ”البارانويا” أو جنوب الارتياب وهو مرض نفسي يشعر فيه الشخص المضطرب بأنه يتعرض لتآمر وحيل من قبل الآخرين بشكل مستمر.
وأضافت أن حالة الارتياب دفعت ترامب إلى شن حملة تطهير ضد موظفين كبار في البيت الأبيض، حتى يقوم بجلب من يراهم أشخاصا أوفياء وذوي ثقة، في إطار دائرة ضيقة جدا.
وخلال مساءلة العزل في الكونغرس، تم الاعتماد بشكل كبير على شهادات مسؤولين عملوا في إدارة ترامب، وهذا الأمر جعل الرئيس يقتنع بأن الحكومة تضم كثيرا من “المسربين” و”المتآمرين” أو من يصفهم بـ”الخونة”.
وينظر ترامب إلى من الموظفين الذين يعملون في البيت الأبيض منذ مدة طويلة بمثابة “فلول أوباما”، رغم أن كثيرين منهم يتولون مهاما في الرئاسة قبل مجيء الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما في سنة 2009.
وعقب تبرئة ترامب، قال نجله دونالد ترامب جونيور، إن مساءلة “العزل” كانت مفيدة أي “رب ضارة نافعة”، لأنها سهلت الكشف عن كافة من يتوجب طردهم من البيت الأبيض.
ويرى السيناتور الجمهوري البارز، لينزي غراهام، وهو أحد المقربين من الرئيس الأميركي، أن هذا الشعور بالإحباط لدى ترامب أمر طبيعي بالنظر إلى ما تعرض له، مشيرا إلى ما يصفه بتعامل مزدوج من قبل وسائل الإعلام.
وخلال مدة تقل عن الأسبوعين، أي منذ تبرئة ترامب، قام الرئيس الأميركي باستبعاد مسؤولين أدليا بشهادتهما أمام الكونغرس، كما سحب الترشيح من أحد مسؤول آخر، وهاجم عددا من موظفي القضاء.
وانتهى مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، لتوه من إجراءات إعادة أكثر من 50 موظفا في البيت الأبيض إلى وظائفهم السابقة، حتى يغادروا الرئاسة.
ويسعى ترامب إلى تحصين البيت الداخلي، خلال الأشهر المقبلة، حتى يركز بشكل أكبر على انتخابات الرئاسية عوض أن يظل منشغلا بإطفاء “النيران الصديقة”.
ويلوم ترامب معاونين له لأنهم كانوا وراء اقتراح شخصيات أصبحت مصدر إزعاج، فيما بعد، مثلما حصل في حالة غاردون سوندلاند الذي شغل منصب السفير الأميركي لدى الاتحاد الأوروبي وكان من أهم الشهود في محاكمة عزل ترامب بالكونغرس.
وفي السياق نفسه، ندم ترامب بشدة على تعيين مستشاره السابق للأمن القومي، جون بولتون، لاسيما أن هذا الأخير يستعد لنشر كتاب قد يكشف فيه تفاصيل محرجة حول ترامب.
وفي حال منع ترامب حضور المسؤولين الكبار لمكالمات الرئيس في البيت الأبيض، فإنه سيضع حدا لممارسة جرى العمل بها لعقود من الزمن في الرئاسة الأميركية.
وبموجب البروتوكول المعمول به، فإن عددا من موظفي مجلس الأمن القومي الأميركي ووزارة الخارجية يحضرون المكالمات التي يجريها الرئيس، سواءً لأجل القيام بالترجمة أو لتسجيل ما يجري تداوله والاتفاق بشأنه، تمهيدا لإيصال مضمون المكالمة إلى مسؤولين آخرين ذوو صلة بالموضوع.