أدى جموع المصلين صلاة الاستسقاء بالمسجد الحرام، يتقدمهم الأمير بدر بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة بالنيابة، ووكيل إمارة منطقة مكة المكرمة الدكتور هشام الفالح، ومدير شرطة منطقة مكة المكرمة اللواء عيد بن سعد العتيبي، وقائد القوة الخاصة لأمن المسجد الحرام اللواء يحيى بن عبدالرحمن العقيل، ومساعد قائد القوة الخاصة لأمن المسجد الحرام العميد الدكتور بدر بن سعود آل سعود.
وقد أَمّ المصلين إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، الذي ألقى خطبة أوصى فيها المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن.
وقال الدكتور السديس: “إن ما يصيب العباد من نوائب الجدب واللأواء، وكوارث المحن والبلاء؛ أنه امتحان وابتلاء، قال تعالى: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات}، وقال جل وعلا: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}؛ موضحًا أن التفريط في تطبيق شرائع الإسلام، وهدي السنة والقرآن، أوقَعَ الناس في البلاء وساقهم إلى الشدة والعناء.
وأبان فضيلته أن الاستسقاء سُنة نبينا المصطفى عليه أفضل صلاة وأزكى سلام؛ فعن أم المؤمنين عائشة قالت: “شكى الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبر فوُضع له في المصلى، ووعد الناس يومًا يخرجون فيه، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس؛ فقعد على المنبر فكبر وحمد الله ثم قال: (إنكم شكوتم جدب دياركم، واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم)، ثم قال: ﴿الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغًا إلى حين)”.
وأوضح الشيخ السديس أن الصحابة الكرام تمسكوا بهذه السنة النبوية الشريفة، فروى البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبدالمطلب فقال: “اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قال: فيُسقون”.
وأفاد إمام وخطيب المسجد الحرام أن البشر ليسوا وحدهم الذين يستسقون، فكل الكائنات تستسقي رب الأرض والسماوات، وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خرج سليمان عليه السلام يستسقي، فرأى نملة مستلقية على ظهرها رافعة قوائمها إلى السماء تقول: اللهم إنا خلق من خلقك، ليس بنا غنى عن سُقياك، فقال: ارجعوا لقد سقيتم بدعوة غيركم).
وحث فضيلته المسلمين على الإكثار من التوبة والاستغفار؛ فإنهما سبب نزول الغيث والأمطار، موصيًا بالتضرع لله والإنابة إليه والاستكانة بين يديه ودعوته خوفًا وطمعًا، مع الإيقان بالإجابة وإحسان الظن بالله سبحانه والإكثار من الاستغفار، واجتناب الحرام وعدم اليأس والقنوط، والتوبة والاستغفار والبعد عن المعاصي ورد المظالم إلى أهلها وتجنب الفواحش والآثام.