تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالعزيز آل سعود، أقيم الحفل السنوي الـ16لحلقات البيان لتعليم القراءات والقرآن لتكريم “فتية البيان في مسابقة حفظ القرآن”، لتكريم المتفوقين والمتميزين منهم، وذلك في مساء بهيج حضر فيه مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة مكة المكرمة فضيلة الشيخ علي بن سالم العبدلي.
وبدأ الحفل بطريقة جديدة رحب فيها أحد الأشبال الطالب عبدالله بن محمد فاروق محمد بضيف الحفل بطريقة التهجي، كما استمع الضيف والحضور لمشاركة الطالب عبدالباريء بن يوسف سيامك برواية “حفص عن عاصم”، نالت استحسان الجميع، بعدها شارك الطالب عبدالله بن محمد عبدالفتاح بأبيات من “متن الشاطبية”، كما شارك الأستاذ هاشم بن يوسف الشريف بكلمة نيابة عن أولياء الأمور، حيث أوصى بالتمسك بكتاب الله تعالى، والعمل به قولًا وفعلًا، وعدم الانشغال بغيره، فهو حبل الله المتين، من تمسك به نجا، ومن أعرض عنه هلك.
هذا وقد استمع الجميع إلى تلاوة عطرة للطالب سلمان بن عمر فتو نالت استحسان الجميع، كما شارك الطالب يوسف بن ماجد عمارة، وهو من النماذج المضيئة للحلقات من قاعدة الإتقان في كيفية تهجي القرآن، حيث سعد الجميع ببراعته وأدائه المميز في التهجي، هذا وقد تشرف فضيلة الشيخ الدكتور عبدالودود حنيف المشرف العام على الحلقات بجامع الأميرة شهيدة بكلمة قال فيها: “في البداية أرحب بفضيلة الشيخ علي العبدلي في حلقات البيان لتعليم القراءات والقرآن، وباسمها واسم منسوبيها من المدرسين والطلاب وأولياء أمور الطلبة أشكره على الحضور لتكريم الطلاب المتفوقين في المسابقة السنوية، فجزاه الله خيرًا، كما يطيب لنا في هذه الليلة الاحتفاء بتكريم الطلاب المتفوقين في المسابقة السنوية لعام 1436-1437 هـ، وهذا الحفل يقام في نهاية كل عام منذ افتتاح المسجد، وبدعم سخي من باني هذا المسجد صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالعزيز آل سعود الذي عمل هذا العمل لوالدته الأميرة شهيدة رحمها الله تعالى، وأكثر من أمثاله، وجزاه عنا خير الجزاء”.
وتابع: “أبنائي الطلاب وأولياء الأمور، وإخواني المدرسين خصكم الله تعالى بخصائص عظيمة، وفضائل كثيرة فجعلكم من أهل القرآن خاصة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن لله أهلين من الناس قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)، فما أعظمها من منزلة، وما أكرمه من جوار، وما أرفعه من مكان. وهل هناك مكانة تساوي هذه المكانة التي شرفكم بها نبي الرحمة والهدى -عليه الصلاة والسلام-؟ إن المكانة عظيمة ورفيعة، لذا أوصيكم بتقوى الله في السر والعلانية، وأخصكم بوصايا أسال الله أن ينفع جميعنا بها، الوصية الأولى هي التمسك بكتاب الله تعالى، وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، والمحافظة على وحدة الأمة والجماعة، والتعاون مع الدولة والأمراء والعلماء في جميع الأمور، ولزوم جماعة المسلمين، والبعد عن الآراء الشاذة والاجتهادات المخالفة، لأنها تؤدي إلى الفرقة والشتات. أما الوصية الثانية فهي الأمن، وما أدراك ما الأمن، إنه أساس الاستقرار الديني والنفسي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وهو من أكبر النعم وأفضلها وأعظمها، وقد أمتن الله على قريش في قوله تعالى (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) فالأمن هو الحياة، والحياة هي الأمن، وإذا انتشر الأمن حفظت الأنفس والأموال والأعراض، وبدونه لا تستطيع أن تفعل شيئًا، وكل شخص يقف على أرض وتراب المملكة العربية السعودية عليه مسؤولية أمن البلاد واستقرارها، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافى في جسده، عنده طعام يومه، فكأنما حيزت له الدنيا) رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب”.
وأكمل الدكتور عبدالودود: “والوصية الثالثة هي مراجعة القرآن ومعاهدته، فلا يكتفي الطالب بالحفظ، بل عليه أن يحافظ على ما حفظه، فيكثر من مراجعة القرآن، لأنه سريع التفلت، امتثالًا للهدي النبوي الذي يقول فيه -عليه الصلاة والسلام-: (تعاهدوا هذا القرآن، فوالذي نفس محمد بيده، لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها)، وانظروا إلى سِير سلف الأمة ومنهم الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- حيث يقول: (حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين، فلما ختمت القرآن دخلت المسجد، فكنت أجالس العلماء، وكنت أسمع الحديث أو المسألة فأحفظها)”.
وواصل: “أما الوصية الرابعة فهي العمل بما في القرآن الكريم من أوامر، والبعد عن النواهي، فإن هذا الكتاب إنما أنزله الله تعالى للعمل بما فيه، وهو هداية للناس في دينهم ودنياهم، كما قال الله تعالى: (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا)، وقال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف: (من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلف ظهره، ساقه إلى النار)، وحامل القرآن أول الناس بالعمل والتطبيق، فكونوا يا حفظة القرآن، ويا شباب الإسلام مثل سلفكم الصالح الذين كانوا يتلون آيات الله تعالى ويتدبرونها وينفذون أحكامها، قال أبو عبدالرحمن السلمي: (حدثنا الذين كانوا يقرؤوننا القرآن عثمان بن عفان، وعبدالله بن مسعود، وغيرهما أنهم إذا كانوا تعلموا من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعًا)، فهمهم الأول كان هو حفظ القرآن الكريم والعمل بتعاليمه والاهتداء بهديه، وبهذا وحده صفت أرواحهم، وطهرت نفوسهم، وعظمت آثارهم، وكتب الله لهم النصر والتأييد في كل شيء”.
وأردف: “هذا القرآن الذي رفع الأمة الإسلامية في أول عهدها قادر على رفعها الى سماء المجد ثانية، وذلك إذا سلكنا مسلك أولئك الأوائل، وطبقنا تعاليم القرآن الكريم في كل صغيرة وكبيرة، فاللهم وفقنا للعمل بأوامره واجتناب نواهيه في جميع أعمالنا وأقوالنا وأحوالنا وتعليمنا، يا رب العالمين، وارزقنا تلاوة كتابك على الوجه الذي يرضيك عنا، وأهدنا به سبل السلام، وأخرجنا به من الظلمات إلى النور، واجعله حجة لنا لا علينا يا رب العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا إلى ما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، والعباد والبلاد، اللهم وفقه وإخوانه إلى كل خير، اللهم وفقه ووفق ولي عهده، ووفق ولي ولي عهده إلى ما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، وارزقهم البطانة الصالحة التي تعينهم وتدلهم على الخير والبر والتقوى يا رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين”.
بعدها استمع الجميع إلى مشاركة الطالب المبدع خالد بن سراج جوفا حيث شارك بأبيات من “متن الجزرية” نالت استحسان الضيوف والحضور، كما شارك الطالب عبدالحليم بن معروف خضر بتلاوة عطرة من كتاب الله الكريم برواية “حفص عن عاصم”.
هذا وقد شاهد الحضور أحد النماذج المشرقة في كتابة القرآن الكريم بالرسم العثماني وبخط جميل الطالب عبدالرحمن بن عميروش بوعكاز، حيث أثنى الجميع على ما شاهدوه من إبداع وتميز. كما شارك الطالب معاذ بن محمد إبراهيم بأبيات من متن “تحفة الأطفال” نالت استحسان الضيوف الكرام، وفي مسك الختام شنف الآذان أحد النماذج من الحلقات بتلاوة عطرة برواية “حفص عن عاصم” للطالب عبدالرحمن بن جمعة أحمد.
ثم استمع الجميع إلى كلمة راعي الحفل فضيلة الشيخ على العبدلي والتي قال فيها: “الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين”، وأشاد بجهود سمو الأمير متعب بن عبدالعزيز لرعايته للحفل القرآني السنوي ودعمه السخي اللامحدود لخدمة كل أنشطة وبرامج هذا الجامع المبارك، كما أثنى على ما شاهده من نماذج مشرقة تثلج الصدر، سواء من ناحية الأداء والحفظ والإتقان والتهجي وحفظ المتون المتعلقة بالقرآن الكريم، وحث الطلاب على الحفظ والمراجعة والعمل بما جاء في القرآن قولًا وعملًا في جميع أمور دينهم ودنياهم، وشكر أولياء الأمور على اهتماهم بأبنائهم بالمشاركة في مثل هذه الحلقات القرآنية المباركة والتي يشار اليها بالبنان، كما شكر المشرف العام على هذا الاهتمام بهؤلاء النوابغ منذ نعومة أظفارهم، وعلى ما يقدمه لهذه الحلقات من أفكار تربوية، ودورات تدريبية في المجال القرآني، وفي نهاية كلمته قال إنه فخور بهذه الكوكبة من المتفوقين ممن شاركوا وأبدعوا في برامج وأنشطة العام المنصرم وتفوقوا على أقرانهم.
وفي نهاية الحفل تم تكريم المتفوقين من الطلاب، والمعلمين المشاركين في المسابقات السنوية، وأولياء الأمور الذين تميز أبنائهم في الحلقات، كما تم إهداء فضيلة الشيخ علي العبدلي لوحة كبيرة مكتوب عليها آيات قرآنية من أحد الطلاب، من قبل المشرف العام على الحلقات الشيخ عبدالودود بن مقبول حنيف إمام وخطيب الجامع، والتقطت الصور التذكارية للطلاب المتفوقين والمتميزين مع فضيلته بهذه المناسبة الكريمة.