أصبحت جراحة المياه البيضاء المعروفة بالساد الآن مألوفة، وقد تبدو كجزء لا مفر منه من مرحلة الشيخوخة؛ حيث تؤدي التغييرات الأيضية في ألياف عدسة العين مع مرور الزمن إلى نقص شفافية العين؛ لتسبب في النهاية ضرر في الرؤية أو العمى، وهنا تأتي العملية لإزالة العدسة الطبيعية للعين المصابة بالتعتيم ووضع عدسة بديلة في عملية مبسطة ولا تستغرق وقتًا طويلًا، ومع ذلك لا يكون الإجراء خاليًا من المخاطر؛ حيث لا يمكن إجراء عملية جراحية لبعض الأشخاص.
وحسب الخبراء فإن الاحصاءات تشير إلى أن حوالي 20 في المائة من الناس فوق سن 60 عامًا، و80 بالمائة فوق سن 75 يعانون من إعتام عدسة العين؛ حيث تعد السبب الرئيسي للعمى في جميع أنحاء العالم، ويرجع ذلك إلى حد كبير لأن جراحة الساد -التي تعد العلاج الوحيد المعتمد- تتطلب جرَّاحين مدربين تدريبًا عاليًا ومعدات جراحية عالية التقنية ربما تكون غير متوفرة في بعض الدول، وبالرغم من بساطة العملية بتوفر الأطباء والتقنيات، إلا أنه قد يكون لها مضاعفات، خاصةً بالنسبة للمرضى الذين يعانون من مشاكل أخري بالعين مثل الضمور البقعي أو الجلوكوما، وحتى في حالة عدم مشاكل أخري بالعين، يبدو من المألوف الحاجة إلى إجراء عمليات إضافية أخري لضبط الرؤية.
وبشكل عام يتشكل إعتام عدسة العين عندما يتسبب الإجهاد التأكسدي (مثل التعرض للشمس أو السكري أو ارتفاع ضغط الدم أو التدخين أو الشيخوخة) في إتلاف جزيئات البروتين في عدسة العين، مما يؤدي إلى تجمعها معًا، وعادة يتم ترتيب جزيئات البروتين بطريقة تسمح للضوء بالمرور، ولكن عندما تتكتل الجزيئات، فإنها تحجب مساحات من العدسة، ومع نمو الكتل تصبح المساحات الأكبر من العدسة سحابية، مما يجعل رؤيتها أصعب وأصعب.
ويمكن أن تقلل مضادات الأكسدة أو تمنع تلف الخلايا الناجم عن الإجهاد التأكسدي، وبعض هذه المضادات ينتج بشكل طبيعي في القلب والعضلات والدماغ، وعلى وجه الخصوص استيل كارنوزين والذي يعرف اختصارًا NAC، هو أحد مضادات الأكسدة القوية التي أظهرت الدراسات أن قطرات منه يمكن أن تحسن إعتام عدسة العين، وتم إجراء معظم الأبحاث حول هذه القطرات في روسيا، وجاءت الدراسة الأكثر إثارة من معهد أبحاث هيلمهولتز لأمراض العيون في موسكو، وهي الدراسة التي نشرت في مجلة طب مكافحة الشيخوخة؛ حيث وجد الباحثون أن إضافة جزيء أسيتيل إلى NAC سمح بامتصاصه من خلال الغرفة الأمامية للعين؛ حيث يمكن أن يقاوم الإجهاد التأكسدي في عدسة العين.
وحاليًّا تدرس المراكز الدوائية والبحثية هذه النتائج من خلال إخضاعها لدراسات أكبر، قبل الموافقة على هذه القطرات لعلاج إعتام عدسة العين، ومع ذلك فإن هناك قطرات معتمدة للترطيب تحتوي على 1 في المائة منNAC ، وهي نفس القوة المستخدمة في الدراسة، متاحة الآن بدون وصفة طبية.
ولكن الخبراء يوضحون أنه من المهم أن نلاحظ أن هذه القطرات ستكون أكثر فعالية في إعتام عدسة العين النووية، وهو إعتام عدسة العين المرتبط بالعمر الذي يتشكل في وسط العدسة، والذي لا يزال في مرحلة مبكرة، ولكنها لن تحسن إعتام عدسة العين الموجودة عند الولادة، إعتام عدسة العين تحت الماء (إعتام عدسة العين التي تتشكل في الجزء الخلفي من العدسة، وغالبًا من مرض السكري أو تناول جرعات عالية من الأدوية الستيرويدية)، أو إعتام عدسة العين التي تتشكل عند حواف العدسة، فعلى الرغم من أن هذه القطرات قد تحسن قليلًا من إعتام عدسة العين المتقدمة، إلا أنه من غير المحتمل أن تحسن الرؤية بما يكفي لتجنب الحاجة إلى الجراحة، وبالتأكيد يجب استشارة طبيب العيون قبل استخدام أي نوع من قطرات العين.
وحسب الخبراء قد تستطيع تأجيل جراحة الساد بإبطاء اعتام عدسة العين، خاصة إذا كانت الإعتام في مرحلة مبكرة، فقد تساعد بعض هذه القطرات بعد مراجعة الطبيب، وفي حالة موافقته يجب أن ترى تحسنًا خلال الأشهر الثلاثة الأولى، وحتى لو لم يتم عكس إعتام عدسة العين تمامًا، فإن القطرات قد تمنعها على الأقل من التقدم، أو تبطئ تقدمها حتى تتمكن من التوقف لفترة أطول عن الجراحة، ومع تناول المكملات الغذائية عن طريق الفم من الجلوتاثيون ونيسيتيل سيستين وحمض ألفا ليبويك وفيتامين C يمكن أن تساعد في إبطاء تطور الإعتام، ولكن تذكر أن الرؤية الصحية تعتمد أيضًا على نمط حياة صحي، فتجنب التدخين، استخدم نظارة شمسية، وتناول الكثير من الفواكه والخضروات للحصول على المزيد من مضادات الأكسدة.