نظرات العطف التي تنطلق من محاجر العيون، وعبارات الإشفاق التي تنسكب من قنينة الفضول، والأيدي التي يهوي ظلها لإنتشال روح الضعف من الجسد المُتكئ على جدران الحياة، كل هذه لا تحتاجها أسرة ذوي الاحتياجات الخاصة فهي بمثابة سهام قاتلة تنزع ما تبقى من نسمة أمل للسير كالأقران في مضمار الحياة.
يعيش المعاق خارج جدول الأولويات في العرضيات، ويسكن الزوايا البعيدة المُقفلة بشمع النسيان، فتراه على قارعة الهوامش ينتظر، وعلى أرصفة التجاهل يرتقب.
تجاوزت نسبة الإعاقة بالمملكة ٧% في عام ٢٠١٥م، حسب تصريح الدكتور عبدالرحمن السويلم نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال المعوقين، وقد أولت المملكة عناية خاصة بهذه الفئة من جميع النواحي سواء كانت طبية أو تعليمية أو اجتماعية أو تأهيل وتدريب أو كانت على مستوى التثقيف والتوعية.
ونحن بالعرضيات نتمنى أيسر القليل لهذه الفئة من غير مُبالغة في رسم خطوط الآمال، ورفع سقف الأمنيات داخل أسوار المُحافظة الناشئة. التعليم وبث التوعية والتثقيف في أوساط المجتمع لتقبل هدايا الله، وكيفية استقبالها والتعامل معها هي الغاية التي ننشدها كمرحلة أولية لرفع مستوى الوعي، وسحب ثقافة العجز ليحل مكانها التعريف بمكامن القوة وإمكانية العطاء بلا حدود.
نعترف بوجود مقاعد التعلم ولكن هي أشبه بالعدم لعدم جاهزيتها واكتمال بدر مستلزماتها وأدواتها، ودموع الهجر نبعثها مغلَّفة بحرارة العتب إلى المجلس المحلي بمحافظة العرضيات، نكتبها بطريقة برايل، ونشرح فصولها بلغة الإشارة، ونحدد أبرز محتواها بالعصا البيضاء، ونلقي كلماتها من على منابر الكراسي المتحركة، وإذا تعذر توصيل فكرتها فعلينا أن نحاول ترجمة الآلام بالنمذجة المصورة، لعلها تصل بوح المشاعر الغائرة في الأجساد المُنهكة إلى حاملي لواء هموم أبناء المحافظة.
شمس مقاعدكم يومًا ما ستلامس أُفق الغروب، ومحبرة أقلامكم سيزورها شبح الجفاف، فبربكم ماذا قدمتم لذوي الاحتياجات الخاصة ؟ إذا كانت الإجابة: لا شيء! فعطروا طيات ثيابكم بالدعاء بعد رحيلكم، وحثوا الخطى لتضمدوا الجراح لأن الكأس الذي يشرب منه أهالي المُعاق قد يُدار بالأقدار، فالأيام دُول والليالي حبالى.
أشـعــرِونـي بـكـيـانـي لـيـس بالـعـطـفِ الـمهَيـنْ
أدمـجـوني مـع رفــاقــي واقـمعـوا حُــزْني الـدّفـيـنْ
واطــردوا عـنـي الـكـآبة وتــبـاريـحَ الــسـنـيـنْ
خـفـّفـوا عـنيّ قـيـودي إنـني مـثـل الـسـجــيـنْ
قضية المعاق أكبر من صورة عابرة تمر داخل إطار تقرير، وأعلى شأنًا من القصائد خاوية الشعور المُنحدرة باتجاه أودية الإعجاب. والتأهيل الشامل أُمنية تختبئ في ذاكرة الإحباط وهدف سامي تُشعله جذوة الحاجة.
نتمنى من المجلس المحلي أن يضع قضية المعاق على طاولة النقاش، وأن يحدد الحلول الجزئية لخدمة هذه الفئة، وأن يعمل شراكة عمل إنساني مع مؤسسات المجتمع لاستخراج البسمة من بين تجاعيد السنين، ونثر أريج الإحساس على الأسرة المهجورة.