لا ينكر أهمية التدريب التربوي للمعلمين والإداريين إلا مكابر أو جاهل، والدور الكبير الذي يقوم به لتقليل حجم الفجوة بين الأداء المتوقع والحالي، في ظل حالة العزوف عن حضور المعلمين للدورات التدريبية التي تقيمها مراكز التدريب التربوي. كما أن أثر حضور تلك الدورات التدريبية ينتهي غالبًا بنهاية الدورة، و لا ينتقل إلى الطالب أو يساعد حتى في بناء الكفاءة الداخلية للمدرسة والعاملين فيها بمختلف مسمياتهم الوظيفية.
ويتبادر للذهن سؤال مباشر يطرح نفسة دائمًا على طاولة النقاشات، لماذا لا يحضر المعلم الدورات التدريبية في مراكز التدريب؟ يبدو أن ثمة اشكالية واضحة ووجهات نظر مختلفة من الطرفين. فالمعلم يعتبر تلك البرامج ضعيفة وعديمة الواقعية ولا تتناسب مع مشاكل الميدان التربوي، في حين ترد مراكز التدريب بأن عدم تطبيق المعلمين لمحتوى البرامج التدريبية والتوجيهات الإشرافية، هو السبب في ضعف معدلات التطور المهني، وبين هذا الرأي وذاك يبقى واقع التطور المهني بعيدًا عن طموحات الطرفين.
ويبرز في الاتجاهات العلمية الحديثة عالميًا، المناداة بأن تكون المدرسة مجتمعًا مهنيًا تعليميًا، بهدف تحقيق أهداف التعليم ومن أهمها تحسين تعلم الطال، ويمثل هذا الاتجاه ابتعادًا عن الاتجاه الخطي السائد الذي يعتمد على الجهات المركزية التي تعتمد البرامج التدريبية، والزيارات الصفية، وغيرها من الأدوات التي تجعل من المعلم متلقيًا للتطوير المهني، وليس مشاركًا فيه ومصدرًا من مصادره.
إن استبعاد المعلم من المشاركة في التخطيط للبرامج وتنفيذها وتقويمها لا يبدو خيارًا مناسبًا للجميع، فالمعلم ليس منتجًا صناعيًا يسير في اتجاه محدد، يبدأ بالتدريب ثم يتابع بالإشراف، دون أن يكون للمعلم دور في تطوير ذاته، وتحديد احتياجاته التدريبية إلا من خلال حضوره الدورات التدريبية، وتنفيذ التوجيهات الإشرافية، بعيدًا عن إتاحة الفرصة له ليتأمل ويشارك في ممارساته المهنية.