دعا معالي وزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ قيادات التعليم الجامعي والمهني والتقني لإيجاد حلول تطويرية فاعلة للتحديات التي تواجه التعليم الجامعي والمهني، ومراجعة الخطط الدراسية والبرامج المقدمة لطلاب وطالبات التعليم الجامعي، مطالبًا بتقديم عمل مؤسسي يبشر بمستقبل إيجابي لتطوير مخرجات الجامعات ومعاهد التعليم المهني والتقني انطلاقاً من المكانة التي تتبوأها المملكة في مجموعة العشرين.
وعدَّ آل الشيخ أن تطوير التعليم الجامعي والمهني في ظل ما يشهده العالم من تحولات اقتصادية سينعكس على دور المملكة المحوري في الاقتصاد المعرفي العالمي، ويسهم في تحقيق متطلبات رؤية المملكة 2030 المتصلة بطلاب الجامعات في تهيئتهم لسوق العمل؛ من خلال تزويدهم بالمهارات اللازمة للتعايش مع القرن الحادي والعشرين.
وأبان معاليه خلال تدشين ورشة العمل التي اجتمع فيها قرابة 300 من قيادات وخبراء التعليم الجامعي والمهني لبحث مستقبل الجامعات السعودية وسبل أداء تطويرها ومخرجاتها بمركز الملك فيصل للمؤتمرات في مقر جامعة الملك عبدالعزيز بجده أن التحولات الاقتصادية المتسارعة التي يمر بها العالم اليوم يجب أن تنعكس على عمليات المراجعة والتطوير المستمر لأنظمة التعليم، والتدريب في الجامعات، والمعاهد المهنية والتقنية من خلال رصد أهم الخصائص والمشكلات والتحديات التي يواجهها قطاع التعليم الجامعي.
وأوضح آل الشيخ أنه لا يمكن لأي بلد أن يحقق تقدمًا في التعليم وأهداف التنمية دون أن يحظى بنظام تعليم عالي قوي داعم للنظام التعليمي برمته، داعيًا لمواجهة زخم التحديات المحلية والإقليمية والعالمية التي تواجه مؤسسات التعليم وتهدد استقرارها وتطورها مما يجعل مسألة التطوير والتقييم حتمية ومستمرة.
وأضاف معاليه أن إقامة هذه الورشة تأتي من أجل تقييم واقع قطاع التعليم الجامعي، وبحث مستقبل الجامعات السعودية، والمؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني في التنمية الاقتصادية ومواءمة مخرجاتهما لسوق العمل وفق ما يدفع لتحقيق مراكز متقدمة بين الدول في تصنيف الجامعات ودعم مراكز البحوث والتطوير سعيًا للخروج بعدد من القرارات والتوصيات التي تسرع من تنامي جودة الأداء التعليمي الجامعي.
وتناول آل الشيخ قيمة وأهمية الجامعات في التأثير على المجتمع، وأن تكون مراكز للقوى الناعمة من خلال المراكز البحثية للدفاع عن مجتمعنا وقضاياه الوطنية، وأن يكون لها إسهام في اقتصاد المملكة من خلال التركيز على نواتج التعليم.
وقال: “إن الاعتمادات الأكاديمية، والتصنيفات العالمية قد تتحول إلى طقوس إدارية وإجراءات غير مؤثرة لما يكتسبه الطالب في قاعة المحاضرات”، مشيرًا إلى أنها يمكن أن تسهم في ضمان جودة المدخلات والعمليات لكنها لا تضمن لنا مخرجات تفي بمتطلبات سوق العمل.
وتطرَّق وزير التعليم إلى أهمية وجود مبادرات جامعية تدعم أسس المنطق، والاستنباط ضمن مناهج تعليمية فاعله، مبينًا أن ما تم صرفه على البحوث الجامعية خلال السنوات السابقة يشير إلى إنفاق مائة مليون ريال مقابل ستة مليارات خصصت للإنفاق عليها وهو ما يشير إلى ضعف المواءمة والتنسيق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وأشار معالي وزير التعليم إلى التطلعات والأهداف التي تضمنتها رؤية المملكة 2030 الخاصة بقطاع التعليم، إذ يأتي دخول خمس جامعات سعودية ضمن أفضل مائتي جامعة عالمية أحد هذه الأهداف، مؤكدًا أن الوصول لهذا الهدف ليس صعباً، شريطة أن تدار هذه الجامعات بشكل احترافي و حقيقي ومهني، ونرفع من خلالها المحتوى الوطني للبحوث.
ولفت الانتباه إلى حجم الإنفاق على قطاع التعليم في المملكة إذ يوازي أفضل عشر دول في العالم، مشيرًا إلى أن المملكة تمتلك برنامج رائد في ابتعاث أبنائها وبناتها يعادل جامعة عالمية، داعيًا كافة الجامعات السعودية للإفادة من خريجي برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي.
وتمنى آل الشيخ في ختام كلمته أن يأتي اليوم الذي يتم الاستغناء فيه عن السنة التحضيرية ” المشتركة” نتيجة تحسن نواتج التعليم العام المرتبط بالتعليم الجامعي.
ورشة العمل التي امتدت قرابة 7 ساعات متواصلة استهلت بتقديم عدد من العروض والبرامج والمبادرات من مكتب تحقيق الرؤية بوزارة التعليم ومركز البحث والتطوير لتمكين الابتكار في الجامعات، وعرض عن برنامج ومبادرات تنمية القدرات البشرية.
وفي مشاركة مساعد وزير التجارة والاستثمار الدكتورة إيمان المطيري للتعريف ببرنامج تنمية القدرات البشرية، تم استعراض عدد من المبادرات والمشاريع التي تتعلق بإيجاد نظام حوكمة ممكن للجامعات، يربط بين الاستقلالية والأداء والحوافز والمساءلة، ومبادرة أخرى تتعلق بالتعليم مدى الحياة من خلال توفير فرص التعليم المستمر والتطور المهني للمواطنين من مختلف الأعمار، بالإضافة إلى ما قدم في مجال المبادرات المشتركة لتحقيق مشاركة فاعلة لأولياء الأمور والمجتمعات المحلية في التعليم والتعلم، ومعلمون وقيادات مدارس بمعارف ومهارات واتجاهات إيجابية، وإيجاد نظام تعليمي يوفر فرص التعلم النوعي لطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة.
وتضمَّن اللقاء كذلك تقديم عرض تفصيلي موسع عن واقع قطاع التعليم العالي و التحديات التي تواجهه في سبيل تحقيق رؤية المملكة، من حيث أعداد البرامج التي تقدمها الجامعات الحكومية، و ملاحظة تضخم و تكرار عدد كبير من هذه البرامج، والتحديات التي تواجه منظومة البحث والتطوير والابداع، وكيفية تحقيق أهداف البرنامج من خلال دعم البيئة البحثية، وتنمية القدرات البشرية وتمويل البحوث ذات الأولوية، والابتكار وريادة الأعمال سعيًا إلى التطلعات المستقبلية ليصبح قادرًا على المنافسة ومتمكنًا من التفاعل الإيجابي مع المعطيات الحالية والمتغيرات العالمية وتحقيق أهداف المجتمع السعودي وطموحاته من خلال البرامج الأكاديمية، والبحثية التي تقدمها المؤسسات العلمية في مختلف التخصصات.
وتطرقت الورشة إلى المبادرات المعنية بمنظومة التعليم والتدريب، الواردة في رؤية المملكة 2030، التي شاركت بها وزارة التعليم من خلال 6 برامج من برامج الرؤية، المتمثلة في برنامج تنمية القدرات البشرية، وتعزيز الشخصية الوطنية، وجودة الحياة، والتحول الوطني، والشراكات الاستراتيجية، والتخصيص، ويتم التركيز فيها على محاور البيئة التعليمية، والمعلم، والطالب، والمنهج.
وناقش المشاركون في مجموعة جلسات الورش، تطوير مسارات المعلمين في كليات التربية، واستقطاب خريجي برنامج الابتعاث، ومستهدفات برنامج تنمية القدرات البشرية في تطوير منظومة التعليم والتدريب بجميع مراحلها من الطفولة المبكرة إلى سوق العمل والتعلم مدى الحياة، مشيرة إلى أن أبرز التحديات الرئيسة التي تواجهها تمثلت في الحوكمة، والنوعية والجودة، وتوفر الخدمات، والمساواة، والمواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، والكفاءة.