تخترق الجراثيم المَرَضية الجسم، عن طريق جرح بسيط أو سطحيّ حتّى، ومن بينها بكتيريا المكوّرة العنقودية الذهبيّة التي تستقرّ داخل العظام، فتسبّب ظهور الالتهابات فيها. في الواقع، تصعب معالجة هذا النوع من الالتهاب العميق والمعروف باسم التهاب العظام والنقيّ (Osteomyelitis)، خصوصاً لدى الأطفال. والأسوأ بعد؟ أنَّ الكثير من الأطبّاء كانوا ليجهلوا آليّات عمل هذا الالتهاب، حتّى أجرى بعض أطبّاء الأطفال، والمتخصّصين في الالتهابات العظمية، أبحاثاً خاصّة بهذا الموضوع. بحيث راقب الباحثون لدى عيّنة من القوارض، العظمة المصابة ببكتيريا المكوّرة العنقودية الذهبيّة، بفضل التصوير الطبقي المبرمج المجهريّ بالأبعاد الثلاثيّة 3D microtomography ، ولاحظوا بأنّ البكتيريا هذه لا تكتفي بتدمير العظام بل تنشّط ايضاً نموّها بشكل عشوائيّ! ويفيد أحد الباحثين في هذا الإطار قائلاً: “تساهم الجزيئات والمعروفة بعوامل السمّية والتي تحرّرها البكتيريا في إعادة هندسة او قولبة العظمة المُصابة. وقد تمكنّا من الكشف عن منطقة المجين المحدّدة التي تضبط إنتاج هذه الجزيئات”. كان هذا النجاح الأوّل. اكتشف الباحثون لاحقاً أنّ بكتيريا المكوّرة العنقودية الذهبيّة تفرز أنزيمة أوريوليزين Oreolysin الموكلة بمهمّة تدمير الجزيئات- عوامل السمّية هذه، متى ازداد عددها، تفادياً لجذب انتباه النظام المناعيّ في الجسم المُصاب. فاستنبط الباحثون فكرة رفع عدد هذه الأنزيمة في العظام بغية الحدّ من إعادة الهندسة العشوائيّة لها. فكان النجاح الثاني. يعمل العلماء حالياً على تطوير علاج فعّال حتّى ولو اضطرّوا إلى الاعتماد على مواد أشدّ سميّة تفرزها بكتيريا المكوّرة العنقودية، وقد تقتل الخلايا التي تكوّن العظام. في ايّ حال، سيسمح الأنموذج الحيوانيّ المُعالَج خلال الدراسة باختبار العلاجات المستقبليّة تلقائياً، لمكافحة التهاب العظام والنُقيّ، ومن ثمّ تطبيقه على أمراض عظميّة أخرى.