ألقى معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس درسه الأسبوعي اليوم الثلاثاء بالمسجد الحرام، وتناول درس معاليه تفسير لآيات الذكر الحكيم من سورة “الرحمن”.
ويحظى الدرس الأسبوعي بإقبال كبير من طلبة العلم، وقاصدي بيت الله الحرام، حيث يعدها الجميع فرصة ثمينة من أجل التزود بالعلم الشرعي في رحاب بيته العتيق.
واستهل معاليه درسه بالحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم بدأ معاليه درس التفسير بقوله تعالى: (وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ) في هذا الآية الكريمة أن الله خلق الأرض وجعلها باختلاف أوصافها وأحوالها لِلْأَنَام، أي: للخلق، لكي يستقروا عليها، وتكون لهم مهادًا وفراشًا يبنون بها، ويحرثون ويغرسون ويحفرون ويسلكون سبلها فجاجًا، وينتفعون بمعادنها وجميع ما فيها، مما تدعو إليه حاجتهم، بل ضرورتهم، وآتى في قوله تعالى: (فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ) أي: جعل الله في الأرض جميع الأشجار التي تثمر الثمرات التي يتفكه بها العباد، من العنب والتين والرمان والتفاح، وغير ذلك، (وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ) أي: ذات الوعاء الذي ينفلق عن القنوان التي تخرج شيئًا فشيئًا حتى تتم، فتكون قوتًا يؤكل ويدخر، يتزود منه المقيم والمسافر، وفاكهة لذيذة من أحسن الفواكه.
وذكر معاليه أن في قوله تعالى: (وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ) أي: ذو الساق الذي يداس، فينتفع بتبنه للأنعام وغيرها، ويدخل في ذلك حب البر والشعير والذرة، والأرز، والدخن، وغير ذلك، (وَالرَّيْحَانُ) والمراد بذلك جميع الأرزاق التي يأكلها الآدميون، فيكون هذا من باب عطف العام على الخاص، ويكون الله قد مَن على عباده بالقوت والرزق، عمومًا وخصوصًا، ويحتمل أن المراد بالريحان، الريحان المعروف، وأن الله امتن على عباده بما يسره في الأرض من أنواع الروائح الطيبة، والمشام الفاخرة، التي تسر الأرواح، وتنشرح لها النفوس.
واختتم معاليه درسه عند قوله تعالى: (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) أي: حينما ذكر سبحانه وتعالى جملة كثيرة من نعمه التي تشاهد بالأبصار والبصائر، وكان الخطاب للثقلين، الإنس والجن، قررهم تعالى بنعمه في هذه الآية الكريمة، فبأي نعم الله الدينية والدنيوية تكذبان؟
وما أحسن جواب الجن حين تلا عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه السورة، فما مر بقوله: (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) إلا قالوا: “ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب، فلك الحمد”، فهذا الذي ينبغي للعبد إذا تُليت عليه نعم الله وآلاؤه، أن يقر بها ويشكر، ويحمد الله عليها.
ثم باشر فضيلته درس فقه الأحكام من كتاب “عمدة الأحكام من كلام خير الأنام” وتطرق فيه إلى ما جاء في باب الاستسقاء من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم المازني – رضي الله عنه – قال: (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى فَاسْتَسْقَى فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَقَلَبَ رِدَاءَهُ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ) [رواه البخاري ومسلم].
وذكر معاليه صفة الاستسقاء وأنها إمّا تكون بالصلاة أو بالخطبة أو بالدعاء وذلك كله من يسر ديننا الحنيف، وأن الصلاة تكون إما في الصحراء، أو خارج النطاق العمراني، وأنه يجوز الصلاة في الحرم الشريف والمساجد.
الجدير بالذكر أن معالي الرئيس العام يلقى درسه يوم الثلاثاء من كل أسبوع، بعد صلاة المغرب على كرسي الأئمة بالمطاف.