لن أبتعد. ولن أخاطب القُراء. ولن أطلق اللفظة الجامعة. لن أحتضن كيان السماء ولن أخاطب الفضاء. لن أبرح. لن أُحلق بعيدًا.
سأبقى هنا.. معك، بقربك، فقط ائذن لي أن التقيك على طاولة الصراحة.
اسمح لي أن نفتح شبابيك الغرف معًا لننظر إلى سعة السماء وروعة الفضاء. إلى امتداد الأرض وكثرة هذة المباني. إلى تلك الطرقات المكتظة بسيارات ومحلات وُناس غادين ورائحين.
دعنا نستوطن قُرب النافذة وقلب الفضاء.
لربما طائرٌ يقف على هذا الشباك ليحدثنا عن سعة الكون لأحلامنا. لأهدافنا. لأمالنا.
لا.. بل حتى لمواطن الخير فينا.
أظنك عانيت مثلي كثيرًا من سُراق الوقت. وقُطاع طُرق الاحلام.
فتلك محادثةٌ فارغة. وهذه مجموعةٌ شاغلة. زيارات متتالية بلا أهداف.. وأوقاتٌ تُهدر بلا منجزات.
أنام وتنام.. ونحن نرسم ليوم قادم مليئ بالأحداث والمتغيرات.
نستييقظ بطموح كحجمِ السماء وأكبر.
نسارع خطانا إليه. فما أن تنتصف الشمس كبد السماء إلا وقد أطلقنا مجاديف الحياة في روتينها السقيم الممل.
ليصبح اليوم كما الأمس.. لتعاود تناهيد الحسرة مخدة جلد الذات ككل مساء. فهناك أحلامٌ منهارة في براكين الندم.
على طاولة الصراحة:
حدثني عن يوم الأمس
عن أحلامك.. أهدافك.. بصماتك في الحياة فضلًا حدثني عنها.
على طاولة الصراحة، أكتب لك في مذكرة اجتماعنا “ثورة الهمة فيك قادرة أن تهزم عواصم وعواصف. فقط اثبت وكن شجاعًا”.
أعتذر بثقة.. وأرفض بقوة.. أعقد صفقة مع التاريخ. فالتاريخ لا يؤمن بالضعفاء.
لديك طموح وبيدك تحقيقه فلما تجلد ذاتك بسياط المجاملة لتهدر طاقتك صباح مساء.
أنت لست عالةً على المجتمع ولا صفرٌ في هامش الحياة. أنت لديك الكثير لكنك أسلمت قافلة حياتك لقُطاع طريق أحلامك.. وستذهب القافلةَ وستبتعد عنك كل يوم مسافاتٍ ومسافات. ولن تعيّ ذلك إلا حين تحرقك رمضاء القهر حين عودة قوافل المنجزين.
أستأذنك.. هذه مذكرة اجتماعنا بين يديك.
أما أنا فسأذهب.. ولكن أرجوك لا تغلق نوافذ الغرف قبل أن توقض أحلامك وتعانق بها تلك السماء.