لا تحسَبنَّ المجدَ تمرًا أنتَ آكلُه
لن تبلغَ المجد حتى تلعَق الصَّبِرا
عند قراءتي لهذا البيت أكثر من مرة وبتمعن، شدني لأخوض عباب بحر معانيه، وعباراته لمعرفة ما وراء تلك المعاني والعبارات من درر كامنة ولآلئ قابعة في رصعاته.
أدركت عن قناعة أن طريق النجاح ليس معبدً ، وأيضًا ليس وعرًا، ولاسهلًا فيستهان به، أو صعبًا تُهابُ مسالكه.
سبل النجاح، وبلوغ المجد، وبرج الشهرة، أراضيها فرشت بأشواك، وأسوارهار بنيت من مسامير، وأشلاء زجاجات، ذات أبواب ملغمة بعبارات مثبطة، هي سيل لوم، وبحر انتقادات، تأتى من كل حَدَبٍ و صوب، ومن كل الاتجاهات، سهام موجهة، وخناجر مسمومة، مرادها وأد الطموح، وهدم قصور المجد، وأبراج النجاحات.
ليعلم الجميع أن الوصول للهدف غير محال، بالعزيمة يتحقق ويطال، فمن صار على الطريق الصحيح وصل -بإذن الله-، وإنْ تجرع كأس المشقة علقمًا صبارًا، مجرثم لا يساغ شرابه، وعَبَرَ أوديةً ذات سباع وحيوانات ضارية، أو امتطى أمواج بحار في يومٍ عاصفٍ ورياحٍ عاتية، سائر ليلَ نهارَ، ظلام يعقبه ضياء، شمس وقمر.
يا أيها الطامحون سيروا على -بركة الله-، فكل مأمول ملحوق -بإذن الله- الليل يعقبه نهار، والظلام يعقبه الضياء.
المستقبل ورد ونهر، والمصاعب في طريقه أشواك وسقر.
يقول صلاح الدين الرومي: "من يريد القمر لا يتجنب الليل، ومن يريد الورد لا يخشى أشواكه".