يطلق الوسم في اللغة على أثر الكي , والوسمة تطلق على ما وسم به الحيوان من ضروب النقوش، والصور،
وعند أهل الأنواء يطلق على الفترة الزمنية التي تلي موسم سهيل، وهو موسم بداية نزول الأمطار الطبيعية .
والوسم هو الموسم الأجمل في السنة على الإطلاق على جل البلدان الخليجية وهو موسم علائل الريح ذات النسمات المدهونة بالبرودة
ومدة الوسم النوئية اثنان وخمسون يوماً، والفعلية اثنان وسبعون يوماً، فعشرون يوماً من المربعانية تعتبر من الوسم
والثلاثة عشر يوماً الأولى من الوسم تسمى موسم الصفار.. وهي لفظة تكبير لموسم الصفري فالشخص الذي نجا بجلده من موسم أمراض الصفري فإن أمراض موسم الصفار له بالمرصاد، وستكون أشد فتكاً به لعدم أخذه جرعة مناعة من الصفري، وسمي بالصفار لشدة اصفرار الجسم من الأمراض، وأهم مسبباته النوم بالعراء دون لحاف.
ومع دخول الوسم يطل علينا الشتاء بعنقه من شرف المناطق الشمالية من السعودية والعراق والشام , ومسلط بنظره بحدية على بقية المناطق بحيث أنه يبدأ بالولوج التدريجي بتمرحل زحزاح من الشمال إلى الجنوب ويلتفت على الشرقية بطرف والغربية بطرف أخرى .
بمعنى أن الشتاء الليلي يحل على المناطق الشمالية مع دخول الوسم , وبعد ثلاثين يوماً يلتهم الشتاء الليل والنهار هناك ويتزامن ذلك مع بداية الشتاء الليلي على الكويت والبحرين والأمارات وشرق ووسط وغرب السعودية .
أما الشتاء الفعلي وهو الشتاء الذي يطوف على الليل والنهار ويجبر الناس على أن يرتدوا ملابس الشتاء الثقيلة على جميع المناطق فسيكون بعد ستين يوماً من الآن
وفي موسم الوسم ينشط منخفض هضبة البحيرات في شرق أفريقيا ويبدأ يصدر لنا سحب ركامية ذات أمطار ديمية تدلف علينا من البوابة الشمالية الغربية من السعودية وينال معينها البلدان الخليجية على فترات متقاربة نسبياً
والأمطار السابقة على دخوله تسمى قلايد الوسم ، والأمطار التي تهطل في أوله تسمى الثروي ، نسبة إلى الثريا، والأمطار التي تهطل في آخره تسمى الولي
وأول سحب الوسم يسمى بـ (عهاداً) واحدها عهدة، والسحاب المبكر الذي يظهر مع دخول الوسم يقال له (المرابيع) واحدها مرباع كمرابيع الإبل، وهي التي تنتج في أول الزمان ويقال للمكان السريع النبات (مرباع)
وجميع فترات أمطار الوسم مفيدة جداً للأرض والبحر، فيقول السلف عن مطره: (حص في البحر وفقع بالبر) أي أن مطر الوسم إذا سقط على البحر يخلق اللؤلؤ وإذا سقط على البر ينبت الفقع.
فالبذور المدفونة في باطن الأرض والمحار المختفي في أصدافه تكون متحفزة لمطر الوسم وهو الموسم اللائق لضخ ماء الحياة في أجسادها.
وللوسم علامات تدل على دخوله، أهمها تخلق السحب وظهورها من جهة المغرب واخضرار الأشجار وانكسار حدة الحرارة وتفشي النمل وهيجانه على وجه الأرض
الطقس السائد في الأيام الأولى من الوسم رطب وتكون الرياح متقلبة الاتجاه خفيفة السرعة وقد تهب بين حين وآخر ولفترات وجيزة ريح شمالية غربية لا تدوم طويلاًً مع برودة ملحوظة في آخر الليل.
ومطر الوسم شحيح لكنه نافع جداً، ومن باب العادة أن الأمطار إذا بكرت تكون توابعها على فترات متباعدة، وإذا تأخرت تتابعت
وأول الوسم موسم متكفهر تقريباً، لكنه أخف حدة من آخر الربيع ، فالشتاء يدخل بنعومة والصيف يدخل بخشونة ،ولهذا يحصل فيه تذبذب في المنظومة المناخية الأمر الذي يجعل الأمراض الخريفية تنتشر بشكل متفشٍ
وما زالت الشمس تتدحرج ناحية الجهة الجنوبية من خط الاستواء استعداداً لموسم الشتاء القادم، وعلى إثر ذلك تنخفض درجة الحرارة بالتدريج مع مرور الأيام، وخاصة أثناء الليل، وأشعتها لم تنكسر حتى الآن، فما زالت ذات لسع حاد في الظهيرة ، ولا يزال الجو حاراً نهاراً بارداً نسبياً في آخر الليل في هذه الفترة الزمنية ، ويعتدل الجو بعد عشرين يوماً تقريباً أثناء النهار، وتزداد برودته أثناء الليل ، وتكثر فيه العواصف والرياح المحملة بالغبار والأتربة، وقد تكون ماطرة
وأول نجوم الوسم يقال له العواء ، ومطره محمود ، حيث ينبت الشيح والنفل والأعشاب البرية، بالإضافة إلى الكمأه (الفقع) ، وتقول العرب في هذا النجم: إذا طلعت العواء طاب الهواء ، وضرب الخباء ، وكره العراء ، وشنن السقاء.
الباحث الفلكي
د.خالد بن صالح الزعاق