في مثل هذا اليوم الثالث من ربيع الآخر وقبل ثلاث سنوات مضت بايع الشعب السعودي سلمان بن عبد العزيز ملكاً بعد أن قضى عامين ونصف العام وليًا للعهد ونائبًا لرئيس مجلس الوزراء، وقبلها خمسين عامًا أميرًا للرياض.
بهذه المعايشة الواقعية بقي سلمان الإنسان دائمًا قريبًا من الناس ينزع اليأس ويزرع الأمل يستمع إلى نبض الوطن، ويكافح الفساد، ويحقق العدل والمساواة ويسعى جاهدًا لتحقيق أحلام وتطلعات كل السعوديين.
ولذا لم يكن غريبًا وكما يؤكد المراقبون والمتابعون لمسيرة الإنجاز، أن تنتقل البلاد من تطور إلى تقدم كبير، واضح وملموس في مختلف المجالات.
فمنذ أن تولى سلمان الحكم، والبلاد تشهد طفرة غير مسبوقة سياسيًا وعسكريًا وأمنيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا، ووفقًا للخبير السياسي عمران الكاتب انعكس هذا التقدم بدوره إيجابيًا على مكانة المملكة دوليًا وإقليميًا، وصار اسم السعودية يتردد بقوة في المحافل الدولية، ويحسب لها ألف حساب قبل اتخاذ أي قرار .
الإنجازات الداخلية والخارجية
تأتي الذكرى الثالثة للبيعة محملة بالكثير من الإنجازات، داخليًا وخارجياً حيث شهدت السعودية، ملحمة فريدة من الإصلاح الإداري والاقتصادي طال أكبر المؤسسات والهيئات وفي مقدمتها مؤسسة الحكم، كما شاركت السعودية المجتمع الدولي في العديد من القرارات الأممية وأصبحت الرياض محط أنظار قادة العالم سواء عبر المؤتمرات الدولية أو الزيارات التاريخية لرؤساء وقادة أكبر دول العالم .
وبشهادة خبراء الاقتصاد والتنمية فإن الإنجازات العديدة التي قدمها سلمان في تلك الفترة القصيرة من عمر الشعوب، تعد علامة مضيئة في جبين ملك مهموم بقضايا شعبه وأمته وعروبته، وكما يؤكد حسين المنذر (محلل سياسي) أثبت خادم الحرمين الشريفين جدارة فائقة في بناء سعودية جديدة وقيادة أمة، يسعى سلمان دائمًا لأن تكون موحدة غير ممزقة تقف دائمًا مع الحق، ترفض الظلم والبغي والعدوان، وهو ما يتحقق على أرض الواقع بوقوف المملكة مع الحكومة الشرعية في اليمن ودفاعها المستميت والثابت تاريخيًا عن القدس المحتلة، وإصرارها على إعادة الحقوق المغتصبة لشعب فلسطين.
حماية عرين الوطن
نجح الملك سلمان الذي ورث الحكمة والشجاعة والإقدام عن والده المؤسس ـ في أن يحمي عرين الوطن من الإرهاب وسمومه ويلملم شتات العالمين العربي والإسلامي في صف واحد وقوة واحدة، ترهب أعداء الأمة، وأهل الشر الذين يتربصون لكل خطوة سعودية خليجية عربية، تنبذ العنف والتطرف والمذهبية والطائفية والتدخل في شئون وسيادة دول الجيران.
وتوج سلمان جهوده الإصلاحية باختياره ابنه محمدًا وليًا لولي العهد ثم وليًا للعهد، في خطوة لا يجرؤ عليها غير سلمان، وقد أثبتت الأيام حسن هذا الاختيار، ورؤية سلمان الثاقبة، وبصيرته النافذة، وحنكته وخبرته في قيادة دولة تشبه القارة مترامية الأطراف، شاسعة المساحات، وكذلك قدرته الفائقة على تجاوز الصعاب والتحديات، وصناعة سعودية حديثة، يتسلح أبناؤها بالعلم والتكنولوجيا، وينطلق اقتصادها بفلسفة أخرى جديدة ورؤية مختلفة، تعتمد على تنويع الموارد وعدم الارتهان لبرميل البترول، ووضع خطة استراتيجية تنموية طويلة الأجل، تستند إلى (رؤية 2030) .
برنامج التحول الوطنى
ولنجاح هذه الرؤية؛ جاء برنامج التحول الوطنى، ليسرع بخطوات الإصلاح، وبعد شهور قليلة من التقشف، واتخاذ حزمة من الإجراءات الإصلاحية السريعة، نجحت خطة الملك وسمو ولي عهده الأمين، في تطويرالسياسات المالية والنقدية والإدارية، وإعادة هيكلة العديد من القطاعات والمؤسسات، ودعم القطاع الخاص، والاستفادة من جهوده ومشاريعه في مواجهة البطالة وتوفير فرص عمل جديدة للشباب.
نهضة التعليم والابتعاث
في مجال التعليم والابتعاث شهدت البلاد نهضة ملحوظة في تطوير منظومة التعليم، ودعم المبتعثين، وإزالة العقبات من طلاب العلم في الخارج، والشيء نفسه تحقق اجتماعيًا عبر برنامج شامل ومتكامل لرعاية ذوي الدخل المحدود وتوفير شبكات الحماية الاجتماعية للفقراء والفئات الأكثر احتياجًا في القرى والمحافظات، وما تحمله ميزانية هذا العام من خير وفير يؤكد ـ وكما يقول أستاذ العلوم السياسية فالح الحيدرى ـ أن الأمور تسير على ما يرام، وأن السفينة تبحر نحو شاطىء الأمان، أن الشعب السعودى بوعيه ويقظته كان أقوى من أي محاولات لتمزيقه، باللعب على وتر الطائفية، وبث سموم التطرف والإرهاب وسرعان ما تحول الخوف والقلق من المستقبل إلى طمأنينة واستقرار وتماسك، وتحولت نغمات اليأس والإحباط إلى سيمفونية إنجاز تصنع غدًا أكثر إشراقًا، وأملًا كبيرًا في أن القادم أفضل بإذن الله، بتلاحم الشعب حول قادته وإحساس الجميع بأنهم في مركب واحد يقوده ربان حكيم وقائد عظيم.
وما زال الملك سلمان يثبت أن للإنسانية يدًا سخية تمنح دون انتظار المقابل، وأن للعطاء رجاله المخلصين، وأن للخبرة دورها الكبير والمؤثر في مواجهة التحديات والمخاطر، وأنه كان عند حسن ظن شعبه به عندما بايعه السعوديون ملكًا للبلاد.