أعلن المتمردون الروهينغا الأحد وقفا لإطلاق النار من جانب واحد بعد أسبوعين من الهجمات التي شنوها على قوات الامن البورمية في ولاية راخين ورد عليها الجيش بعملية قمع عسكرية واسعة، لكن السلطات البورمية ردت مؤكدة إنها لا تتفاوض مع “إرهابيين”.
وتفيد الارقام الاخيرة التي نشرتها الامم المتحدة ان 300 الف شخص معظمهم من المسلمين الروهينغا لجأوا الى بنغلادش هربا من الاضطرابات.
ويبدو ان آلاف الاشخاص فروا او نزحوا داخل البلاد ويختبئون في الغابات او على تلال دون مياه او غذاء.
وقالت الحركة المسلحة التي تطلق على نفسها اسم “جيش إنقاذ روهينغا أراكان” في بيان على تويتر انها “تعلن وقفا موقتا للعمليات العسكرية الهجومية”. واشارت المجموعة المعروفة محليا باسم “حركة اليقين” الى انها تريد بذلك تسهيل وصول المساعدات الانسانية.
ودعت الحركة السلطات البورمية إلى أن تحذو حذوها في إعلان “هدنة إنسانية”.
لكن بورما ردّت على لسان مستشار الحكومة زاو هتاي الذي قال في تغريدة “نحن لا نتفاوض مع إرهابيين”.
ومنذ بداية العنف، طوقت القوات البورمية المنطقة ومنعت دخول الصحافيين والمنظمات الدولية التي تخشى حدوث كارثة انسانية، اليها.
والأحد، وصف وزير الخارجية البنغلادشي أبو الحسن محمود علي ما يجري في ولاية راخين المجاورة لبلاده بأنه تطهير عرقي.
– “لم يبق شيء” –
في مخيم اقيم على عجل بالقرب من شالامبور ببنغلادش، يشكك اللاجئون الروهينغا في امكانية ان يسمح وقف اطلاق النار بعودتهم الى قراهم.
وقال حافظ احمد (60 عاما) لوكالة فرانس برس ان الجنود البورميين “يقولون لنا +ارحلوا او نقوم باحراقكم جميعا+. كيف يمكننا الاعتقاد ان وقفا لاطلاق النار سيكون له اي تأثير”؟
وبالنسبة لكثيرين لم يتبق شيء. وقال هاشم وهو مزارع من الروهينغا “لم اعد املك شيئا هناك، لا منزلا ولا قرية. كل شيء دمر”.
وعرضت بورما للمرة الاولى السبت اقامة مخيمات للروهينغا المسلمين النازحين.
وفر حوالى 27 الف بوذي وهندوسي من قراهم ولجأوا الى اديرة ومدارس في جنوب المنطقة.
وبدأت دورة العنف الجديدة في 25 آب/أغسطس عندما شنت الجماعة المتمردة سلسلة من الهجمات على مراكز للشرطة في ولاية راخين، رد عليها الجيش بحملة عسكرية واسعة النطاق تعرض خلالها المدنيون الروهينغا لفظاعات على ايدي العسكر وميليشيات اتنية مناوئة للاقلية المسلمة.
وحملت الحركة التي كانت قد تبنت هجمات في تشرين الاول/اكتوبر، السلاح للدفاع عن حقوق اقلية الروهينغا المسلمة. وقال الجيش البورمي ان نحو 400 منهم قتلوا خلال المعارك.
وتعاني هذه الاقلية التي تضم نحو مليون شخص وتعد اكبر مجموعة بلا جنسية في العالم، منذ عقود للتمييز في بورما حيث اغلبية السكان من البوذيين.
– “ازمة هائلة” –
عبر الصليب الاحمر في بنغلادش عن ارتياحه لوعد وقف اطلاق النار موضحا ان منظمات العمل الانساني تواجه “ازمة هائلة”.
وقالت مسعدة سعيد من اللجنة الدولية للصليب الاحمر في بنغلادش لفرانس برس “كيف تريدون منا ادارة تدفق هذا العدد من الاشخاص؟ انه بحاجة الى مأوى الى مكان آمن”.
يعتقد ان عشرات الآلاف ممن لا يزالون في ولاية راخين هم في طريقهم الى الفرار هربا من حرق القرى وحملات الجيش وممارسات عصابات اتنية، يتهمها لاجئو الروهينغا بمهاجمة المدنيين ومحاصرتهم في الهضاب بدون طعام وماء ومأوى ورعاية طبية.
ويصل معظمهم الى بنغلادش مشيا على الاقدام بعد ايام من السير تحت الامطار، او في مراكب. ويتقاسم البلدان حدودا طولها 278 كيلومترا يشكل ربعها نهر ناف.
وتقول المنظمات غير الحكومية انه بعد رحلة طويلة بلا طعام، يأتي القادمون الجدد مرضى وجائعين وضعفاء جدا، ويكون بعضهم مصابين بالرصاص ايضا.
وكانت معلومات تحدثت عن اصابة عدد من هؤلاء اللاجئين في انفجار الغام زرعت على الجانب البورمي من الحدود. وقال قائد حرس الحدود في بنغلادش الكولونيل المنظر الحسن خان لفرانس برس الاحد ان ثلاثة من القرويين الروهينغا قتلوا على بعد حوالى مئة متر من الحدود في انفجار لغم على ما يبدو مساء السبت.
وفي نهاية الطريق، يجد هؤلاء اللاجئون مخيمات مكتظة غير قادرة على استيعابهم.
في المجموع، تفيد تقديرات انه بين اعمال العنف التي وقعت في تشرين الاول/اكتوبر ودفعت 87 الف شخص الى الهرب والاضطرابات الحالية، فان ثلث روهينغا بورما اصبحوا في بنغلادش.
وقال يانغي لي المقررة الخاصة للامم المتحدة لبورما “اعتقد انها ستكون واحدة من اسوأ الكوارث في العالم وبورما في السنوات الاخيرة”. وعبرت عن استيائها لتعذر دخول هذه المنطقة الواقعة في غرب بورما حيث يمكن ان يكون نحو الف شخص قتلوا.
ودعت اونغ سان سو تشي التي تقود الحكومة الى ان “تظهر للعالم لماذا كافحت من اجل بورما حرة وديموقراطية” والى “التحرك” في هذه الازمة.
وتتعرض حائزة جائزة نوبل للسلام في 1991 لضغوط من الاسرة الدولية التي تنتقد صمتها بشأن مصير الروهينغا.
ووجّه أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي المجتمعون في أستانا بورما انتقادات حادة إلى السلطات البورمية ودعوها للقبول بدخول مراقبين دوليين لوقف النزاع.